مقالات وأبحاث

هذا الشعب مستعدٌ للسلام ومستعد للحرب أيضاً

إن كان PKK صامدٌ وقوي رغم جميع الهجمات فهذا يعود لشخصيته الديمقراطية والتحررية...

 

جمعة روناهي

تبنَّى الشعب جثمان الثوريات الثلاث بهيبة عظيمة. ضمَّ الشعب الكردي وأصدقاءه في ديرسم، ألبستان وميرسين بناته الثوريات إلى صدره بكل عنفوان. نادى بشعارات " PKK هو الشعب، والشعب هنا". رجعت صارا ( ساكينة جانسيز) التي انضمت للحركة التحررية وهي ما زالت في مرحلة المجموعة إلى ديرسم وهي متحولة إلى الشعب أي مجسدة الشعب في شخصيتها. أظهرت شهادة الثوريات الثلاث مدى إيمان الشعب الكردي وتحقق وحدته في جميع الأجزاء. رأى الجميع مرة أخرى الوحدة التي خلقها PKK فيما بين الشعب الكردي والتي هي واحدة من أهم الانتصارات التي حققها على الإطلاق.

خٌلقت وحدة روحية لدى الكرد اليوم لدرجة لم يكن يمكن خيالها وتصورها قبلاً. لم يكن يوجد بين الأجزاء موقف متضامن ويقظ تجاه البعض بهذا المستوى قديماً. أدت الجهود المبذولة من قبل قائد الشعب الكردي وحركته  PKK من الآن إلى أن تبقى الحدود بنسبة هامة بلا معنى. فالأمر الهام هو تحقيق وحدة الروح والعاطفة هذه. فإن تحقق ذلك بشكل قوي فإن الحدود الدولتية ستخرج من كونها قضية جدية. بيد أن الحدود الدولية بدأت تخرج من كونها أمرٌ حتمي مطلق في العالم. حتى وإن وجدت حدود الدولة هذه فإنها تصبح غير معينة أو مبينة. لقد قطع الأكراد مسافة جد هامة في أن يكونوا قوماً بالمعنى الحقيقي عبر النضال التحرري الذي مارسه لسنين طوال. حققوا تطوراً كبيراً في أن يصبحوا قوماً وأمةً ديمقراطية، لا قوم أو أمة الدولة القومية أو كقوم دولة. بالطبع فإن دور قائد الشعب الكردي وحركته PKK هنا جد هامٌ ومعين.

كما تم اجتياز التجزئة والانقسام المتكون نتيجة الاختلاف في الإيمان والعقيدة بنسبة هامة للغاية. قلب النضال التحرري ينبض اليوم في آمد، ماردين، موش، ديرسم، مرش، أديامن في نفس اللحظة.  ديرسم وآمد متحدتان الآن. قام PKK بتوحيد الأكراد السنيين، اليزيديين والعلويين ضمن حقيقة القومية والأمة الديمقراطية. كل عقيدة وجدت هويتها وحريتها ضمن هذه الأمة الديمقراطية. هذا الوضع أو هذه الحقيقة التي لم تتطور وتتحقق في أي مكان من الشرق الأوسط، فقد تحقق في كردستان بطليعة قائد الشعب الكردي الإيديولوجية. اليوم ليس فقط العلويين أو اليزيديين، فإن الشعب السرياني والآشوري أيضاً بدأ مع حقيقة PKK يشعر ويحس ذاته حراً في كافة أجزاء كردستان. لأن PKK طور وجسد مثل هذه الثقافة ضمن الشعب الكردي في كل الأجزاء. سيسطر التاريخ شخصية PKK الديمقراطية والحرة بثناءٍ وافتخارٍ كبيرين. سيقول ويبين بأن كافة العقائد والمجموعات الأثنية تنفست الصعداء مع PKK. وهذا بحد ذاته يضع للعيان عظمة شخصية PKK وسموها.

أصبح PKK من بدايته أي بدءاً من مرحلة المجموعة حزب الأناس المتكونين من كل العقائد ومن كل الاثنيات. جمع وحضن هذا الحزب بدءاً من كوادره الطليعيين وانتهاءً بمؤيديه تكويناً غنياً جداً. حمل في صدره وفؤاده المجتمع الكردي وحضنه بكل ألوانه فئاته. لم يصبح ومما لا شك فيه حزب الأغوات والبكوات، بل أصبح حزب الكادحين وكافة المجموعات المظلومة. أصبح حزب كل كردي تبنى النضال ضد الاستعمار. لهذا السبب تطور بسرعة كبيرة وهو بعد في أعوام 1970. ظهر للجميع بأن PKK هو حزب مناضل ومكافح وصاحب كوادر ذات طراز حياة يديم هذا النضال ويطوره يوماً بيوم. في الوقت الذي كانت فيه المجموعات الأخرى تتطور وتعمل في بعض المناطق فقط، فإن PKK بدأ بالتطور والعمل في جميع مناطق كردستان الشمالية. وبتطويره لموقفه وخطه الإيديولوجي ذاك أكثر، نراه اليوم قد وحد كردستان عموماً وعلى كافة الأصعدة. وما تبني الثوريات الثلاث من قبل كافة الأجزاء وكافة الفئات إلا دليل وإثبات لهذه الحقيقة. أيمكن أن يكون هناك ثورة قومية أعظم وأكبر من هذه الثورة؟

لقد شُهِد مستوى ثورة المرأة ومدى تطورها في كردستان مع شهادة هذه الثوريات الثلاث مرة أخرى. واعترفت عدة جهات وفئات حتى التي لا تحب PKK بهذه الحقيقة. لم يعد يمكن لأي أحد بعد الآن أن يرد أو ينكر حقيقة أن PKK وبالتالي الشعب الكردي قد حقق أكبر ثورة نسائية في التاريخ. ثورة المرأة هي ثورة الثورات بالنسبة للثورة التحررية والديمقراطية. ثورة المرأة هي الثورة التي لن تتحقق إن لم تحيا الثورة الديمقراطية الكبيرة. وعلى أساسه يمكننا القول بأن الشعب الكردي قد حقق أيضاً أكبر ثورة ديمقراطية في التاريخ. حتى ولو لم ترى القوى الاستعمارية وأعداء PKK هذه الحقيقة، وقاموا بقلبها وتزييفها، فإن كل مستقل يذهب إلى كردستان يقدر هذه الثورة العارمة بل ويدلي بانبهاره واندهاشه. السياسة الديمقراطية هي من القيم الأساسية لحركة التحرر الكردية الآن. فالحركة تعطي أهمية كبيرة للسياسة الديمقراطية. لقد انتهت المراحل التي كانت فيها الأغوات والبكوات وبعض مراكز قوى السلطة الأخرى تُمهر بمُهرها على السياسة. الشعب، قوة الشعب التنظيمية هي مركز قوة المجتمع الآن. بيد أن العديد من الفئات المتنوعة تبين بأن PKK ديمقراطية جدناً. أصبح المجتمع سياسياً اليوم، قوة المجتمع الانتقادية دعت الجميع إلى أن يحتاط الحذر.

فإن كانت حركة PKK صامدة وقوية رغم جميع الهجمات فهذا يعود لشخصيتها الديمقراطية والتحررية. فإن لم تكن PKK صاحبة شخصية ديمقراطية وتحررية لكان هذا المجتمع قد انتهى وتشتت في مواجهة الاستبداد وضغوطاته. البنى الغير ديمقراطية تتشتت فور مواجهتها أو رؤيتها للضغط والاستبداد.

أما المجتمعات المتميزة بالسياسة الديمقراطية والشخصية الديمقراطية فإنها لا تتشتت وتفقد قواها بسهولة في مواجهة الاستبداد. الحقيقة الكردية هي إثبات ودليل على ذلك. لو إن واحد بالعشرة من التمشيطات القائمة تحت اسم KCK كانت قد تمت بحق أي قوة سياسية أخرى لكانت قد تشتت مذ اليوم الأول. إلا أنه وبعكس ذلك فإن شخصية الحركة الكردية الديمقراطية والتحررية تجدد نفسها دائماً. موقف الشعب الكردي في آمد، ديرسم، ألبستان وميرسين هو ضمان النضال التحرري في كردستان. موقف الشعب هذا يعبر عن إصراره في الديمقراطية والحرية. وكما أن الشعب الكردي مستعدٌ لأجل السلام الديمقراطي العادل، فهو مستعدٌ لبذل وخوض كافة النضالات الصعبة لأجل تحقيق هذا السلام وهذه الديمقراطية. وهو مصر لكسب وتحقيق الحياة الحرة والديمقراطية والإعلاء من وتيرة نضاله التحرري مهما كانت الصعاب لأجل ذلك طالما لا تُوضع إرادة الحل للوسط.

يمكن القول بأن الشعب الأكثر سياسياً والذي يتمتع بتجربة سياسية عالية وله بنية سياسية واسعة في العالم اليوم هو الشعب الكردي. وقد أظهر الأكراد ذلك مرة أخرى. فإن قامت الدولة التركية برؤية ذلك واقتربت بشكل صائب فإن القضية الكردية ستُحل بأقرب وقت ممكن. أما العكس، أي إن لم تقم برؤية هذه الحقيقة، وأصرت في سياساتها التصفوية الإرفاقية فإنها ستواجه أكبر وأعظم مقاومة في التاريخ.

لن تنكسر إرادة هذا الشعب وقوته السياسية بأي شكل من الأشكال، لذا فإن الخاسر سيكون تركيا ذاتها. وتوصيتنا هي أن لا يخدع أحد ذاته اعتماداً على ماله، دباباته، وصواريخه..