مقالات وأبحاث

لا يمكن أن تختزل القضية الكردية إلى نقطة ترك الكريلا للسلاح أو القيام باختزال القضية الكردية إلى قضية إرهاب...

 

جمعة روناهي

بقيت حكومة AKP مجبرة على القيام ببدء اللقاءات في إمرالي من جديد وذلك نتيجة المقاومة العتيدة التي بدأها قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان ضد سياسة التهديد السائرة خلال عامٍ ونصف العام. وبالتأكيد ومما لا شك فيه بأن المقاومة التي أظهرتها قوات الكريلا إلى جانب الشعب الكردي في كافة الأجزاء لعبت دوراً كبيراً في الضغط على حكومة AKP لإجراء اللقاء مع قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان. يبين هذا اللقاء ( مهما كانت النية منه) مدى الضيق والاستياء الذي وقعت فيه حكومة AKP .

الشعب الكردي وحزب العمال الكردستاني هما من يرغبان بإجراء اللقاء مع قائد الشعب الكردي. لذلك فإن ما تحقق هو رغبة PKK والشعب الكردي. إذ أن الشعب الكردي دائماً وأبداً طلب وآمن بأنه يمكن نيل النتيجة من خلال استمرار اللقاءات مع قائده عبد الله أوجلان. لقد بذل قائد الشعب الكردي جهداً عظيماً لأجل حل هذه القضية عن طريق حلٍ ديمقراطي ومعقول. وما زال هذا السعي مستمر من قِبَل قائد الشعب الكردي الآن أيضاً. فإن اقتربت AKP  بشكل صحيح وصائب ستكون النتائج حسنة. أي أن تقرب وموقف الدولة التركية سيكون معيناً بالنسبة للسلام العادل وللحل الديمقراطي لقضية الشعب الكردي. لأن موقف الطرف الكردي هو إلى جانب حل القضية الكردية بالسبل الديمقراطية، وهكذا موقف محال أن يصبح عائقاً أمام الحل بأي شكل من الأشكال.

يجب قبل كل شيء - إن كان الحل هو ما يراد تحقيقه- أن يتم الاقتراب من مخاطبي الحل باحترام. لأجل ذلك فإن شكل الاقتراب من قائد الشعب الكردي هام للغاية. لذا يجب تأمين الوسط المناسب أولاً لقائد الشعب الكردي ليستطيع لعب دوره من هذا الجانب إذا كان هو من سيكون أساساً ومركزاً لهذا الحوار. فالعاقل، وكل من يساند ويقول بأنه يجب أن تتم اللقاءات والمذاكرات يفكر بهذا الشكل. فإن لم يتغير وضع قائد الشعب الكردي، وإن لم يتم تأمين الوسط المطلوب والمناسب له ليقدر فيه لعب دوره في هذه اللقاءات، سيكون الموقف والتقرب من اللقاءات موضوع نقاش ومحاسبة. يجب أن يتم خطو خطوات جدية بهذا الشأن أول الأمر. لهذا السبب قام قائد الشعب الكردي و PKK أيضاً بوضع موضوع حرية القائد وتأمين الظروف والشروط الصحية والأمنية المناسبة في جدول الأعمال التي يجب التوقف عليها مباشرة.  

فإن كان للدولة التركية نية الحل بالفعل فإن هذه اللقاءات ستتطور وستتدرج إلى مرحلة مذاكرات. الطرف الكردي مستعد وجاهز بهذا الشأن. إذ توجد إرادة الحل لدى الشعب الكردي. ولا يمكن لأحد إنكار وجود هذه الإرادة. ولكن إن تم تناول الحل كما تتناوله حكومة AKP والصحافة التابعة لها بأن حل القضية سيتم بترك السلاح وترك قوات الكريلا المسلحة لخنادقها... وما شابه ذلك، فإن ذلك لا يظهر إلا شيء واحد وهو أنه لا يوجد للحكومة أي نية للحل. لأن المواضيع السياسية هي أول ما يتم مذاكرته في مثل هذا النوع من القضايا. إذا تم وضع إرادة ومشروع الحل، يمكن بعد ذلك النقاش على وضع القوات المسلحة. وإلا سيكون الأمر كما يتم وضع العربة أمام الحصان وبالتالي ستتعرض مساعي الحل للفشل من البداية.

لم تقم حكومة AKP بتقييم الفرص التي منحها قائد الشعب الكردي وحركته التحررية من أجل الحل حتى الآن. حتى يمكن القول بأن الكثير من الفرص الممنوحة لم تكن تستحقها حكومةAKP   لمواقفها الانتهازية الفاشية التي قامت بتسخير هذه الفرص لمنافع حزبها الأوليغارشية. وذلك لأنها لم تبني سياستها بشأن القضية الكردية حتى الآن على أساس الحل. وتديم سلطتها على أساس أنها هي من ستقوم بخداع الكرد على أحسن وجه، وهي المؤهلة الأقدر للقيام بتصفية حركة الكرد التحررية. أي أنها أسندت وجود واستمرار سلطتها بذلك. وبهذا الشكل كانت تضمن تأييد بيروقراطية الدولة العسكرية والمدنية لذاتها. وبخلق الآمال بشأن حل القضية الكردية كانت تهدف إلى إلهاء الشعب الكردي والقوى الديمقراطية. ولكن انتهى عمر هذه السياسات أيضاً. قامت AKP لدى رؤيتها بأنها لن تتمكن من إدامة سياستها هذه بعد انتخابات 12 حزيران، قامت بتكثيف جهودها وصب ثقلها على سياسة تصفية حركة التحرر الكردية. إلا أنها بعدم أخذها لأي نتيجة في سياستها هذه أيضاً، إلى جانب استنتاجها بأن هذه السياسة ستكلفها الكثير، قامت هذه المرة بإدراج اللقاءات مع قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان في جدول أعمالها وجعلها موضوع الحديث. في الحقيقة هذه هي فرصة AKP الأخيرة. فإن استهدفت مرة أخرى خداع الشعب الكردي واتبعت سياسة المماطلة، سيتوضح حينها بأنها لا تملك إرادة الحل أبداً. وبالتالي ستأتي نهاية AKP السياسية التي لم تنجح لا في حل القضية الكردية ولا في إظهار النجاح في تصفية الحركة التحررية الكردية. أخذ الأنانية السياسية أساساً في موضوع هام مثل القضية الكردية وعدم إظهار إرادة الحل لا يعني شيء سوى ضيق الأفق السياسي. لذا فإن الحزب المصاب بضيق الأفق السياسي محال عليه إدارة تركيا مدة أخرى. فحتى ولو استطاعت مثل هذه السلطات ( المعروفة بضيق الأفق السياسي) بحكم أجواءها الوقوف على أقدامها لمدة من الزمن إلا أنها في النتيجة لن تتخلص من السقوط.

لقد أعطى قائد الشعب الكردي فرصة أخرى لـ AKP، مبيناً لـ AKP "إن أردت البقاء بشكل دائمي ضمن سياسة تركية، نحن مستعدون للحل،  فأظهر أنت إذا الجسارة لخطو الخطوات لأجل الحل". لأن بقاء AKP ووجودها الدائمي مرتبط فقط بدمقرطة تركية. يجب فهم وإدراك موقف وتقرب قائد الشعب الكردي من AKP واللقاءات على هذا الأساس. فإن أدركت AKP ذلك بشكل صحيح فإن هذه اللقاءات ستتطور. أما العكس، أي أن قامت AKP بالتفكير بأنها ستقوم بتسيير هذه المرحلة أيضاً كما السنين الماضية فإنها بالتعبير المعمى ستشبه الساقط من الحمار. قائد الشعب الكردي يقترب من عمله بمسؤولية وجدية كبيرة. وإنه لأجل ترسيخ حلٍ معقول يضع الإرادة للوسط أيضاً، ولكنه لا يقبل بأي شكل من الأشكال المواقف البسيطة والبعيدة كل البعد عن الجدية والمسؤولية. يجب على الجميع إدراك ذلك بشكل جيد.

ستحل هذه القضية عاجلاً أم آجلاً. وحل هذه القضية عبر المذاكرات ( الحوار ) هو الخيار المرجح بالطبع. لهذا السبب فإن اللقاءات هامة بالتأكيد. سيقف الشعب الكردي و PKKوالقوى الديمقراطية خلف قائد الشعب الكردي وسيساند هذه اللقاءات. لأن تقييم كل فرصة لأجل الحل الديمقراطي يعتبر أمرٌ ذو معنى وهام للغاية. في حين سيتوضح موقف وسياسة AKP في أقصر وقت. ولن تقدر مثل السابق المماطلة وخداع أي أحد أو وضع أي أحد ضمن حالة أمل وانتظار ممتدة لسنين كالماضي.

لنبين مرة أخرى بأن القضية هي قضية حل القضية الكردية. لا يمكن ان تختزل القضية الكردية إلى نقطة ترك الكريلا للسلاح. إذ، سيكون ذلك أمرٌ يشبه القيام باختزال القضية الكردية إلى قضية إرهاب. لذلك، فإن النقاشات التي ستجرى في الأيام اللاحقة ستكون أو ستتكاثف وتتعمق على كيفية حل القضية الكردية أساساً.