مقالات وأبحاث

غفلة AKP

قامت حركة التحرر الكردية بما يقع على عاتقها في هذه المرحلة، والدور الآن هو دور حكومة AKP في خطو الخطوات...

جمعة روناهي

لا تأخذ حكومة AKP كما هو الأمر في حديقة كزي بتقسيم المجتمع بعين الاعتبار أبداً. تظن بأنها ستديم وستستمر بسياستها " فعلتُ، فالأمر تمام" إلى النهاية. وتتحرك الحكومة بالمفهوم التالي" لدي القوة فسأُبِيدُ وأنكر وأظلمُ. يتوضح بأنها تثق بأنها أكبر دولة بوليس وشرطة في العالم. فإن وصلت قوة سياسية إلى وضع تعتمد فيه على قوة البوليس والشرطة فصعب أن يكون عمر تلك القوة طويلٌ. تظن حكومة AKP بأنها بدلاً من تقوية ذاتها بخطو الخطوات الديمقراطية، ستديم سلطتها بقوة البوليس.

فتقربها من القضية الكردية التي هي قضية تركية الأساسية ليس ديمقراطياً. إذ أنها لم تقترب بجدية ولم تخطو أية خطوة حتى الآن على الرغم من موقف حركة التحرر الكردية الجدي وسحبها لقواتها الأنصارية إلى خارج الحدود. فالحكومة المقتربة من أهم حادثة في تاريخ تركيا القريب كحادثة انسحاب الكريلا إلى خارج الحدود بهذا الشكل، فبالطبع سيكون اقترابها من المواضيع الأخرى غير جدياً وأكثر سطحيةً بكثير.

قامت حركة التحرر الكردية بما يقع على عاتقها بتأمينها لمرحلة وقف العمليات العسكرية بإخلاء سبيل الأسرى الأتراك، وإعلانها لسحب قواتها إلى خارج الحدود. ومنه لن يكون من الصحيح الانتظار من حركة التحرر الكردية أي شيء آخر. فإما ستخطو حكومة AKP خطوات جدية، أو سيتم محاسبتها على عدم جديتها هذه. وبالفعل فإن المجتمع والعديد من الفئات الأخرى تدلي بقلقها وشكوكها إزاء المرحلة نظراً لموقف AKP الغير جدي والمقلق هذا. مما لا شك فيه بأنه لا يمكن القيام بالسياسة عبر الشكوك، إلا أنه سيتم تناول عدم الجدية هذه بشكل جدي من جانب حركة التحرر الكردية.

فإن كانت حكومة AKP تفكر بأنه لا يوجد لحركة التحرر الكردية خيارٌ آخر فلتعلم بأنها تخدع ذاتها. فمن لا يأخذ حركة تستند على عشرات الملايين من الشعب و لها قوة فدائية مثل حركة التحرر الكردية بشكل جدي فهو يحيا في ضلال كبير. فإن كانت حكومة AKP تفكر بأنها ستلعب وستخدع قائد الشعب الكردي وحركة التحرر الكردية فلتعلم بأنها تخدع ذاتها وستُصدمُ واقعة على رأسها.

على حكومة AKP أن تعرف قيمة ومعنى خروج الكريلا إلى خارج الحدود لحظة قبل أخرى جيداً. فإن لم تعمل حكومة AKP - القائلة قبل الآن " اسحبوا قواتكم الأنصارية فإن هذه القضية ستُحل" - حتى الآن بإعطاء الجواب لهذه الخطوة فذلك يبين بأنها ضمن تزييف وخداع كبيرين. وهو ما يعني في الوقت نفسه غفلة كبيرة. وهي غفلةٌ إن لم تنهض منها الحكومة فإن سقوطها واضحٌ لا محال.  

PKK هو حزب أربعين عام. يناضل ويمارس السياسة في أصعب منطقة في العالم. فإن استطاع ممارسة النضال والبقاء صامداً بشكل لا يتزعزع كل هذه السنين في جغرافيةٍ مثل الشرق الأوسط، فهذا يدل على أن هذا الحزب صاحب تجربة سياسية كبيرة وطاقة نضالية عارمة. فمن لا يأخذ حركة مثل هذه بجدية فإن الهزيمة ستكون من نصيبه لا محال.

لا يمكن اللعب مع قائدٍ وحركة مثل هذه وخداعها بأي شكل من الأشكال. فخروج قوات الكريلا إلى خارج الحدود كان لأجل إلقاء الخطوات بشأن الحل الديمقراطي والقيام بإجراء التغيير الدستوري والقانوني وحل القضية الكردية. لذا فعلى القوانين أن تتغير فوراً. كما يجب الإسراع في نشاط وعمل الدستور الجديد وإيصاله إلى النتيجة. ويجب قبل كل شيء إن كانت للحكومة نية للحل فعلاً أن يتم تأمين حرية الحركة لأجل لعب قائد الشعب الكردي الممثل الأول للجانب الكردي في المذاكرات دوره في عملية الحل بشكل فعال. لقد قام الكرد بتوضيح الخطوات التي يجب أن يتم خطوها في كونفرانس آمد. ووضعوا للعيان مطالبهم في تحديد الكيان والنظام السياسي الذي يستطيعون من خلاله إدارة ذاتهم بذاتهم. فإن لم يتم الإجابة على مطالب هذا الكونفرانس الذي يمثل جميع الكرد ولم يتم تلبية آماله، فإن حركة التحرر الكردية وقائدها قائد الشعب الكردي لن يغضا النظر عن ذلك ولن يبقيا صامتين البتة.

إن لم يتم تحقيق مطالب الشعب الكردي في الحياة الحرة والديمقراطية فإن حركة التحرر الكردية المناضلة والباذلة لتضحيات جسام على مدى الأربعين عام، ستناضل ليس فقط أربعين عامٍ أخرى، بل ستناضل عدة أربعين أعوام أخرى إن تطلب الأمر. بما أنه لن يتم قبول العبودية، فلا يمكن لأحد إيقاف النضال بأي شكل من الأشكال. سيستمر النضال بوتيرة أعلى من السابق إن لم تتحقق حياة الكرد الحرة الكريمة. الشعب الكردي هو صاحب وعي وتاريخ نضال عارم كهذا. لهذا السبب فإن الذين يظنون بأنهم سيبقون على دفة الحكم والسلطة من دون تحقيق مطالب الشعب الكردي، هم الذين لم يدركوا القضية الكردية بعد. فتركيا التي لم تدرك هذه القضية كيفما أنها لم تنل النتيجة بإدامتها لأكثر الحروب قذارة على مدى أربعين عام، فإنها لن تنل النتيجة من الآن فصاعداً أيضاً.

قامت حركة التحرر الكردية بما يقع على عاتقها في هذه المرحلة، والدور الآن هو دور حكومة AKP في خطو الخطوات. بل وعليها في أقصر وقت ممكن أن تقوم بخطو الخطوات التي تعطي الثقة للشعب الكردي والقوى الديمقراطية. على حكومة AKP أن تقوم في أقصر وقت ممكن تلبية آمال ومطالب الشعب الكردي و الكونفرانس الكردي. وإلا فستهزم حكومة AKP أمام هذه الدعوة والقضية المحقة.