سياسات PDK وفرضها الحصار على غرب كردستان يعطي الجسارة للدولة التركية للاستمرار في ممارسة سياساتها الإنكارية...
حسين علي
لم تقم حكومة AKP بخطو أية خطوة بشأن الحل الديمقراطي على الرغم من دخول مرحلة وقوف التمشيطات في الشهر التاسع. لنترك قيامها بخطو أية خطوة جدية بشأن حل القضية الكردية، فهي لم تخطو أية خطوة حتى بشأن الديمقراطية ودمقرطة تركية عموماً. إذ لم يتم حتى فتح ميدان أو ساحة السياسة الديمقراطية. ففي المكان الذي لا يتم فيه ممارسة السياسة الديمقراطية بحرية، فإن الحديث والنقاش عن الديمقراطية أيضاً لا يمكن أن يتم بشكل صائب. بيد أنه لم يتم ذلك.. إذ أن AKP تعزف وتدبك بنفسها. كيف ستتحدث ذهنيةٌ لا تفكر بسد الانتخابات أن تقوم بالتحدث عن الديمقراطية؟ إذ لا يمكننا التحدث عن الديمقراطية في وطن يكون فيه سد الانتخابات ٣% على الأغلب. فالديمقراطية وقبل كل شيء هي فتح المجال والطريق أمام الأفكار الجديدة و الأحزاب السياسية الصغيرة. بما إن الأفكار الجديدة ستتطور بتعريف وطرح ذاتها فإن سد الانتخابات يعني إغلاق الباب في وجه الأفكار والإيديولوجيات الجديدة. لا يمكن الحديث عن الديمقراطية والذهنية الديمقراطية في مكان كهذا. فإن هذا الواقع وهذه الحقيقة تثبت وتدل بأن AKP لا تحمل ولو مثقال ذرة الذهنية الديمقراطية. الدمقرطة أو التحول الديمقراطي يتم بالنقاش مع المجتمع ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والفئات الأخرى الموجودة ضمن المجتمع. أما AKP فتتحدث منذ سنين عن ملفاتها ومشاريعها بشأن الديمقراطية، إلا أن المجتمع لا يعرف شيئاً عن مضمون أي من هذه الملفات، ولم يبين آرائه بحقها. لهذا السبب لم تخلق أي من هذه الملفات التي يتم التحدث عنها أي تطوير باتجاه الديمقراطية. وهذا يشير بأن هذه الملفات لم تكن سوى أداة حرب خاصة دعائية ممارسة من قبل الدولة التركية ضد حركة الكرد التحررية والقوى الديمقراطية.
يقال بأنه سيتم خطو بعض الخطوات بشأن القضية الكردية، إلا أنه لا يتم النقاش مع الشعب الكردي الذي هو صاحب القضية. مثلما إنه لم يتم التعرف على الإرادة الكردية على مر مئات السنين فإن نفس الذهنية تديم ذاتها في يومنا الراهن أيضاً. لدى تأسيس تركيا الجديدة فإنه تم التعرف على الإرادة الكردية ضمن مؤتمر أرزروم وسيواس وضمن المجلس المتأسس عام ١٩٢٠ فقط. مع العلم بأن الميثاق الملي كان مشروع الحياة المشتركة التي تضمن وتضع إرادة الشعبين للعيان. ومع وضع هذا المشروع على الرف وعدم تطبيقه، انتهت وحدة المصير التاريخي للشعبين. بحيث تم إنكار الإرادة الكردية مرة أخرى مع اتفاقية لوزان وانتخابات المجلس الثانية. وما تزال هذه السياسات مستمرة حتى يومنا هذا. يتم النقاش في إمرالي بشأن حل القضية الكردية بالطرق السلمية والديمقراطية وعلى أساسه تتم اللقاءات مع حزب السلام والديمقراطية BDP، إلا أن هذه النقاشات لا تعكس سياسات AKP بأي شكل من الأشكال، بل على العكس من ذلك فإن الأزمة والانسداد في حل القضية نابع من سياساتها. يتصرف الطرف الكردي بكل مسؤولية، أما AKP فإنها تقوم باستثمار موقف الطرف الكردي هذا.
يتبين موقف AKP الغير صميمي والجدي تجاه حل القضية الكردية من موقفها تجاه ثورة غرب كردستان بكل وضوح. إذ أن المُدير والمحرض الأساس للحرب في غرب كردستان هي تركيا. تركيا هي من تقوم بمساندة العصابات المسلحة وتوجههم للهجوم على غرب كردستان. إنها تقوم وبكل وعي بأتباع سياسات الضغط والاستبداد ضد ثورة غرب كردستان. وهي لا تفعل ذلك بشكل مخفي، بل تفعله بشكل علني. مما لا شك فيه بأن PDK بسياساتها وفرضها الحصار على غرب كردستان تعطي الجسارة للدولة التركية للاستمرار في ممارسة سياساتها الإنكارية هذه ضد الشعب الكردي. فإن سياسات PDK و AKP تتممان بعضهما البعض بهذا الشأن. ودور الدولة التركية في هذه السياسة هو دورٌ فعال للغاية. وذلك لدرجة إنها تستخدم تلفزيون روضاوا كمركز للحرب النفسية تقوم بالعداء ضد ثورة غرب كردستان إلى جانب KDP. ويتضح من خلال الملفات التي خرجت للعيان بأن الدولة التركية تقوم بتوجيه سياسة البث لتلفزيون روضاوا عبر سفارتها في هولير.
القيام بالعداوة ضد ثورة غرب كردستان بهذا المستوى، يعني إنكار التضحيات التي قام بها قائد الشعب الكردي وحركة الكرد التحررية بشأن الديمقراطية والدمقرطة. هل يمكن متابع مرحلة وقوف التمشيطات مع هذه الازدواجية واللامبدئية؟ أيمكن أن يتم اللعب بكل هذا الوضوح مقابل المرحلة التي يقوم الطرف الكردي بتسييرها بتضحية عظيمة؟ أيمكن إعاقة هذه المرحلة التي قام ببدئها الطرف الكردي بكل هذا الوضوح والعلنية؟ فإن هذا الوضع أوصل المرحلة إلى نقطة متأزمة للغاية. إما أن حكومة AKP ستقوم باتخاذ قرار جدي بشأن الديمقراطية والدمقرطة، أو أنه سيتوضح مدى إصرارها على إدامة الحرب القذرة التي تمارسها ضد الشعب الكردي والقوى الديمقراطية.
لقد ناشد ودعا الشعب الكردي والقوى الديمقراطية في الواحد من أيلول يوم السلام العالمي حكومة AKP إلى الاقتراب بالمسؤولية. الشعب الكردي وكافة القوى الديمقراطية مصرةٌ على الحل الديمقراطي. إنها تظهر الإرادة لأجل ذلك، إلا أنه لا توجد ذهنية وإرادة ديمقراطية مقابلها. فإن وجدت مثل هذه الإرادة فإن الديمقراطية وحل القضية الكردية سيتحققان بأقصر وقت ممكن. وبالتعبير الشعبي فإن السكر، والماء والطحين وكل ما يلزم لصنع الحلوة موجود، إلا أن صانع الحلوة غير موجود. فلا هي تقوم بصنع الحلوة، و لا تدع الفرصة لأحدٍ بأن يقوم بصنعها أيضاَ. عدم حل القضايا السياسية في تركيا نابع من ذهنية AKP المهيمنة واللاديقمراطية.
لا تستطيع حكومة AKP لا في الداخل ولا في الخارج وضع الذهنية الديمقراطية و السياسة الديمقراطية في جدول أعمالها. ويبدو بأنه ليس لديها القابلية والقدرة على حل القضايا عبر السياسة الديمقراطية. فهي تعمل بتسيير الأمور إما عن طريق الإلهاء والخداع أو المماطلة، أو عن طريق الحرب. فالذي يقوم بتسيير الهجمات المسلحة في غرب كردستان ويقوم بأخذ التحريض للحرب أساساً له هو تركيا. فهي إلى جانب أنها لا تأخذ الحل السياسي أساساً لا في غرب كردستان ولا في سوريا عموماً، فإنها تعيق كل خطوة قائمة في هذا المجال أيضاً. تضع هذه الحقيقة للعيان سبب عدم وصول جهود قائد الشعب الكردي وحركة التحرر الكردية إلى النتيجة في سياساتها لحل القضية الكردية بالطرق السياسية والديمقراطية. إصرار AKP على القيام بالمداخلة على سوريا، لا بل حتى قولها بأنه لا يكفي التمشيط المحدود، فإن المداخلة يجب أن تكون شديدة وشاملة لعموم سوريا وذلك بقدر تمكنها من إسقاط النظام الموجود يضع للعيان موقفها من القضايا. بدلاً من حل القضايا عبر السياسة الديمقراطية، فإنها تنتهج سياسة الحرب خارجياً وداخلياً. وبالتالي فيه تأخذ مكانها في جبهة الحرب بهذا الشكل.
لدى تناولنا لهذه السياسات فإنه يظهر للعيان بأن طريق حل القضايا في تركيا والشرق الأوسط يتطلب ذهنية وسياسية جديدة تماماً. من هذا الجانب فإنه يتوضح بأن مشروع حل القضايا على أساس الأخوة والحياة الديمقراطية المشتركة مع كافة الشعوب التي قدمها قائد الشعب الكردي وحركة التحرر الكردية هو الطريق الوحيد لحل القضايا.