العام السادس عشر سيصبح عام حرية القائد آبو وتحقيق النصر المؤزر لا محال...
صلاح الدين أردم
أنهت المؤامرة الدولية المنظمة في ٩ تشرين الأول عام ١٩٩٨ضد قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان عامها الخامس عشر. أبدى القائد عبد الله أوجلان والشعب الكردي مقاومة عظيمة ضد كافة الهجمات المتطورة من قبل المتآمرين خلال هذه السنين وما زالت هذه المقاومة مستمرة وبوتيرة أعلى إلى يومنا الراهن. قدم الشعب الكردي في مسيرته النضالية هذه الآلاف من الشهداء. وأعتقل ومورس التعذيب بحق عشرات الآلاف من الناس.
مما لا شك فيه بأن التحدث والتعبير عن المقاومة القائمة ضد الهجمات التي كانت تأتي من كل الساحات على مدى خمسة عشرة عاماً باللسان سهلٌ. إلا أنه يمكن القول بأنه نادراً ما يمكن رؤية مثيل لها في التاريخ. فإن وضِعَ انضمام كافة قوى نظام الحداثة الرأسمالي العالمي بعين الاعتبار، سيتم فهم وإدراك مدى عظمة هذه المقاومة بشكل أفضل. كما إنه لو تم وضع قوى الدولة التي تنفخ ذاتها كثيراً- والتي دعك من أن تقاوم خمسة عشرة عاماً فإنها لا تقدر مقاومة مثل هذا النوع من الهجمات حتى ولو خمسة عشر شهراً- أمام الأنظار، فسيرى المعنى التاريخي الذي تحمله مقاومة الكرد المستمرة كل هذه السنين بشكل أفضل.
كما يعرف فإن المؤامرة الدولية المتطورة في ٩ تشرين الأول عام ١٩٩٨ ضد الشعب الكردي في شخص قائده عبد الله أوجلان كانت جزءاً هاماً جداً من مخطط المداخلة الذي قام النظام العالمي بقيادة ABD بابتدائه مع حرب الخليج ضد الشرق الأوسط. فبعد حرب الخليج تابعت إدارة ABD مداخلتها للشرق الأوسط عبر الهجوم على حركة التحرر الكردستانية والفلسطينية. بحيث نظمت هذه المداخلة عملياً من خلال مرحلة السلام أوسلو المفروضة على حركة التحرر الفلسطينية، إلى جانب تمشيط القوة الفولاذية المفروض على نضال حركة التحرر الكردستانية. أما مؤامرة ٩ تشرين الأول فقد كانت تمثل مرحلة جديدة لهذه المداخلة.
استهدفت مؤامرة ٩ تشرين الأول الدولية تصفية قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان وبالتالي تصفية حركة التحرر الكردستانية على أساسه. إلا أن الشعب الكردي قاوم المؤامرة بلا هوادة طوال هذه السنين الخمسة عشر. حدثت تطورات عديدة على مرّ هذه السنين. سقط العديد من المستبدين، انهارت عدة دول، هُزمَ العديد من الرؤساء وتشتتت سلطاتهم، إلا أنه رغم تطور مؤامرة ١٥ شباط وترسيخ الدولة لنظام إمرالي التعذيبي فإن نضال ونشاط قائد الشعب الكردي وحركته التحررية الكردية ما يزال مستمراً وبشكل فعال. لندع التصفية جانباً فإن حركة التحرر الكردية مقارنة بالماضي زادت من قوتها أضعافاً مضاعفة.
جاء صدام حسين وسلطته على رأس الذين تم تصفيتهم في هذه المرحلة. في حين أن مرحلة مداخلة ABD للشرق الأوسط كانت قد بدأت مع استعمار إدارة صدام حسين للكويت. كان صدام حسين قد أعلن ذاته كقائد المقاومة في الشرق الأوسط. لقد أصبحت مداخلة نظام صدام حسين وإدارته موضوع صفقة في مؤامرة ١٥ شباط المحاكة ضد قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان. بحيث تم تسليم القائد عبد الله أوجلان إلى تركية مقابل إعطاء تركية المساندة لمداخلة ABD العسكرية لنظام صدام حسين.
أين هم إدارات كل من TC و ABD الذين قاموا بهذه الصفقة الآن؟ أين صدام حسين وإدارة البعث؟ الشعب الكردي والنضال التحرري الكردي صامدٌ لا يتزعزع، نجح القائد عبد الله أوجلان حتى ولو كان ضمن ظروف إمرالي الصعبة في محاسبة نظام الإبادة العرقية الثقافية المطور من قبل نظام الحداثة الرأسمالي العالمي ضد الشعب الكردي. إذ يمكننا القول بأنه حتى في وضعه الحالي قد هزم المؤامرة الدولية وكسب نجاحاً عظيماً في نضاله ضمن إمرالي.
مما لا شك فيه بأنه لدى تقييم المؤامرة الدولية الموجهة ضد الكرد، إلى جانب مرحلة المداخلة المبتدئة مع حرب الخليج، فإنه يجب التوقف على ضربة ٢٨ شباط القائمة في تركيا أيضاً. لا جدال على أن هذه الضربة المتطورة ضد إدارة أربكان أيضاً مرتبطة مع هذه المرحلة. بيد أن الوضع الذي حال إليه نجم الدين أربكان وحركته بعد الضربة ظاهر للعيان. فقد تم إخراج سلطة AKP وشخصية طيب أردوغان من ضمن هذه الضربة. أي إن سلطة AKP هي طفلُ مداخلة ABD للشرق الأوسط.
فإن عاقبة السلطات أو الشخصيات المستخدمة في المؤامرة الدولية المنظمة ضد قائد الشعب الكردي والشعب الكردي غريبة. مما لا شك فيه بأن حكومة اليونان في تلك المرحلة تأتي على رأس القوى المستخدمة في المؤامرة. إذن، والحال هذه، أين هو حزب PASOK اليوناني وسلطته الآن؟ فإن الهدف من المؤامرة كان تحسين العلاقات التركية- اليونانية، تقوية جناح الناتو الجنوب الشرقي، وبالتالي خروج ABD و اليونان بمكاسب ونجاحات. ولكن ما هو مدى تحقق هذا الهدف؟
الجميع يعرف جيداً بأن الذي لعب أكثر الأدوار لعنةً في المؤامرة الدولية كان حسني مبارك دكتاتور مصر المسقوط ذو الشخصية الخطيرة. لهذا السبب فإن طيب أردوغان كان يقول بأن "مبارك أخي". إذن، والحال هذه، أين هو دكتاتور مصر الظالم؟ ألم يكن يرجوا من الأفنديين الذين خدمهم لسنين طوال بأن "يسامحوه حياته". لقد دفع ثمن ما فعله بالشعب الكردي. آهات الشعب الكردي المظلوم أوصلت الظالمين إلى هذه الحالة.
هناك شخصيات أخرى لعبت دوراً خطيراً في المؤامرة مثل حسني مبارك. من بين هذه الشخصيات كان الفاشي برلسكوني الإيطالي الذي كان واحداً من عابدي موسوليني. وعاقبته هو أيضاً في الوسط. كما إننا رأينا نهاية يلتسين في روسيا التي باعت نفسها بعشرة آلاف دولار. في الوقت الذي قاوم فيه قائد الشعب الكردي والشعب الكردي ببطولة وصمد بكرامته وعزته ضد كافة أنواع الهجمات، فقد رأى الجميع ما هو نهاية مثل هؤلاء الدكتاتوريين.
أما بشأن الدور الذي لعبته سوريا في فترة المؤامرة الخمسة عشر سنة. إذ يُعرف بأن السياسة السورية عاشت تغييراً بحد ١٨٠ درجة بعد مؤامرة ٩ تشرين الأول. كما نعرف بأن تركيا وسوريا من خلال اتفاقية أضنة حاولا أن يطورا مرحلة صداقة على حد تعبيرهم. دخلت إدارة سوريا التي كانت تنتهج نهج الصداقة مع الكرد قبل فترة المؤامرة، إلى مرحلة أصبحت فيها تابعة لتركيا. لدرجة أن إدارة طيب أردوغان وبشار الأسد الذين كان يخاطبان بعضهما البعض بـ " أخي" قد تقدما بالأمر وأعلنا ذاتهما بأنهم " دولتين، وحكومة واحدة".
ولكن، ما هو الوضع الآن؟ أين هي أخوة أردوغان والأسد؟ ما الذي حل بإدارة الأسد التي قامت بإخراج قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان والسعي لتكوين علاقة الأخوة مع AKP؟ لم تقم أي إدارة على مر تاريخ الأناضول بما قام به طيب أردوغان تجاه الشرق الأوسط وعربستان. لم يبع أحد الشرق الأوسط والعالم العربي بأجمعه كما فعل طيب أردوغان. قام بذلك من خلال خداع الجميع تحت رايات الصداقة المزيفة.
على ما أظن سيقوم الجميع بمحاسبة هذه الأعوام الخمسة عشر. سيقومون بتقييم وضع الكرد والدور الذي يلعبونه بالنسبة لشعوب الشرق الأوسط من جانب، كما وسيتناولون وضع AKP ودور الخيانة الذي لعبه ضد شعوب الشرق الأوسط من جانب الجانب الآخر. بتعمق مرحلة الحرب العالمية الثالثة مع مرور الزمن على سوريا، فإنه ستظهر تطورات و اتفاقات وعلاقات جديدة في الشرق الأوسط.
الشعب الكردي في هذه المرحلة قويٌ ومستعدٌ أكثر من أي وقت آخر لأجل النضال ضد المؤامرة الدولية. فإنه الآن صاحب تجربة وميراث نضالي قوي جداً. بل وأكثر من ذلك، فهو الآن في وضع أكتسب فيه وعي المؤامرة الدولية بعمق وفك جميع رموزها وذلك على أساس التقييمات الشاملة التي طورها القائد عبد الله أوجلان.
وعى الشعب الكردي أهداف المؤامرة الدولية وشموليتها بعمق كبير. أدرك كل إنسان كردي بأن هجوماً خطيراً كهذا يستند على نظام الإنكار والإبادة العرقية الثقافية ومن دواعيه. وعلى أساسه رأى الشعب الكردي بشكل جيد بأن تحقيقه لوجوده ووصوله إلى الحياة الحرة كشعب محققٌ ومرتبط بإنهائه للمؤامرة الدولية وهزيمته لها بشكل نهائي، وكسره لنظام إمرالي الفاشي وتحريره لقائده.
بإيجاز، مستوى الاستعداد والتنظيم والوعي الذي يتمتع به الشعب الكردي في راهننا هو أعلى و أكثر بكثير مما كان عليه قبل خمسة عشر عام من الآن. الشعب الكردي في العام السادس عشر للمؤامرة مُصرُّ على النضال بطرز جديد ومؤثر ضد المؤامرة الدولية ونيل النصر وذلك تحت شعار " الحرية لقائد عبد الله أوجلان". فإن أخذت نتائج الأعوام الخمسة عشرة الماضية بعين الاعتبار، فإن العام السادس عشر سيصبح عام حرية القائد آبو وتحقيق النصر المؤزر لا محال.