الحل الديمقراطي الذي سيجلب معه التقدم الديمقراطي على جميع الأصعدة هو مكسبٌ من أجل الجميع...
شيار كوجكري
الشعب الكردي هو واقع الشرق الأوسط. هو شعبٌ من شعوب الشرق الأوسط الكبيرة التي عاش معها في وئام وإخاء. الشعب الكردي موجود وله حقوقه على الرغم من إنكار وجوده لسنين طوال. إنكار الشعب الكردي وغض النظر عنه ومحاولة تحريف حقيقته يعتبر عيب كبير بالنسبة للإنسانية. لأن الشعب الكردي هو أقدم شعبٍ في هذه الأراضي القديمة قام بدور المهد للإنسانية. إنكار تاريخ هذا الشعب يعني إنكار تاريخ الإنسانية وتطوره.
قبل كل شيء يرفض ولا يعترف الشعب الكردي بمشروعية الدساتير الاستعمارية التي لا تضمن حقه ولا تعترف بوجوده. لأجل تحقيق مطابقة وعقدٍ اجتماعي، فإن الدستور الديمقراطي الذي يضمن حقوق الكرد الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية يعتبر خطوة هامة في حل القضية الكردية. فإن وجد شعبٌ فهو موجود بحقوقه. فإن تحقيق ذلك ممكنٌ فقط بإنشاء دستورٍ ديمقراطي مدني تعددي جديد يتخذ من حقوق الكرد القومية، الحقوق الجماعية أساساً.
لقد انهار مفهوم الوطن الذي يجعل الأراضي التي نعيش عليها لآلاف السنين ملكاً للقوم الحاكم وينكر الشعوب و المجموعات الأثنية الأخرى. لذلك يتوجب بدلاً عنه ترسيخ مفهوم " الوطن الديمقراطي" الشامل الذي هو وطن مشترك لجميع الشعوب والمجموعات الأثنية التي بدورها تتبناه وتحميه. هذا المفهوم هو ما سيحمي مصالح شعوبنا ويضمن مستقبلها.
إلى جانب ذلك يتوجب بنفس الشكل أن يتم تغيير مفهوم الأمة المعروف بأثنياته الترك، العرب، الفرس الذي يأخذ العرق أساساً، وتبني مفهوم " الأمة الديمقراطية " الذي يأخذ الوطن أساساً بدلاً عنه. أي بدلاً من الأمة المنظمة باسم القوميات الحاكمة " الأمة العربية، أمة الترك، الأمة الفارسية" التي يراد صهر الكرد في بوتقاتها، فإن الأمة المعرفة على الشكل التالي: " الأمة السورية، الأمة الإيرانية، الأمة التركية" هو تعريفٌ أكثر واقعي وأقرب إلى الحقيقة التاريخية والاجتماعية.
حركة التحرر الكردية بعيدة كل البعد عن الموقف أو التقرب القائم على أساس هدم الدولة، أو تغيير حدودها، أو بناء دولة أخرى بدلاً عنها. إلا أن النضال لأجل دمقرطة بنى الدولة- القومية الفاشية والاستبدادية يأتي في مقدمة نضالاتنا. مع العلم بأن ذلك هو بمثابة المفتاح الذهبي لحل القضية الكردية.
باتت تترك بنى الدولة المتصلبة والأحادية في عصرنا. وعليه فإن موديل الإدارة الذاتية الديمقراطية عبر دمقرطته سواء لبنية الدولة السورية الأحادية، أو بنية الدولة الإيرانية الأحادية، أو بنية الدولة التركية الأحادية سيكون هو الموديل الأمثل الحامي والمرسخ للديمقراطية الاجتماعية.
يطبقُ موديل الإدارة الذاتية الديمقراطية من حيث الجوهر بنجاح في 17 مناطق في أسبانيا بما فيها الباسك والكتالان، وفي 20 منطقة سياسية في إيطاليا، وفي شمال ايرلندا بإنكلترا، وفي مناطق كلار و إسكوجيا، وفي جزيرة كوريسكا في فرنسا والعديد من المناطق الأخرى.
تعريف المواطنة الموجود في الدستور هو الموضوع الآخر الذي يشكل قضيةً بالنسبة للشعب الكردي. بحسب هذا التعريف فإن جميع المواطنين الذين يعيشون ضمن حدود هذه الدول الثلاث إما أنه عربي أو فارسي أو تركي. لا مكان للهويات الأخرى في هذا التعريف. إنكار هوية الذات هو البدل الذي يتم دفعه للعيش ضمن حدود هذه الدول. هذه الذهنية مخالفة لمعايير القرن 21 الديمقراطية ومخالفة لتاريخ منطقتنا وبنيتها السياسية والسوسيولوجية أيضاً. التقرب أو الموقف المناسب هو رد كافة أنواع المركزية الأثنية، الثقافية والدينية، والعمل على صياغة تعريف جديد للمواطنة يضمن الإمكانية لعيش كافة الثقافات والاثنيات واللغات مع بعضها في سلام ووئام. مثال، لا يحوي تعريف المواطنة في دستور فرنسا على أية جذور عرقية. اقترح القائد آبو تعريفاً للمواطنة يستند على الطواعية، و لا يأخذ التمييز العرقي، الأثني أو القومي أساساً، ومضمونٌ دستورياً.
تلبية متطلبات هذا الاقتراح سيكون بمثابة خطوة كبيرة في إطار الحل الديمقراطي للقضية الكردية في منطقتنا. وإلا، فلا الإنكار، ولا العصيان، ولا الدولة المختلفة ليسوا بحلول لأجل القضية. الحل هو الاستفادة المشتركة من كافة الحقوق على أساس الوحدة الأخوية، الحل كامن في المواطنة الحرة للجمهورية الديمقراطية. حل العديد من القضايا لن يكون صعباً بعد قبول الشعب الكردي وحقوقه بهذا الشكل.
يعطي القائد آبو الجواب التالي لسؤال ماذا يريد الكرد؟ " حماية وجود الشعب الكردي ضمن الجمهورية الديمقراطية. حماية وجود الثقافة الكردية. التعرف على حرية الشعب الكردي. رفع كافة العوائق الدستورية والقانونية الموجودة أمام الحريات. إيصال الكرد إلى حالة قوة شعبية سليمة للجمهورية. وتحقيق ذلك على أساس الجمهورية الديمقراطية".
وضعت هذه المطالب عوامل الحل الأساسية للوسط، بحيث تطورت هذه المرحلة على هذا الأساس. خلق قائد الشعب الكردي وحركته التحررية أرضيةً قوية لأجل الحل. فالحل الديمقراطي الذي سيجلب معه التقدم الديمقراطي على جميع الأصعدة هو مكسبٌ من أجل الجميع. أسلم أسلوب للتطور والتغيير اكتشفته الإنسانية حتى يومنا الراهن، هو أسلوب التغيير والتطور السلمي. هذا الأسلوب هو أهم ضمانة للحرية الاجتماعية والحرية الفردية على السواء. بهذا الشكل فقط يمكن لعلاقات الكرد- العرب، الكرد- الترك، الكرد- الفرس أن تأخذ شكلاً سليماً.
بهذا الشكل فقط يمكن لشعوبنا أن تغذي وتنمي قوة بعضها البعض بدلاً من صهر واستهلاك قوة بعضها البعض. بهذا الشكل فقط يمكن أن تكون قوة الأولى قوة للثانية، وقوة الثانية قوة للأولى.
يتبع...