مقالات وأبحاث

انتفاضة  قامشلوا أحداثها  و  تداعياتها

اثبت شعبنا في روجافا بأنه كان ومازال صاحب مقاومة بطولية وسيبقى مستعدا لتقديم ما يقع على عاتقه لأجل الوطن والثورة ولن يتراجع عن ذلك مهما كان الثمن غاليا...

رستم جودي

مضى على انتفاضة الكرد في غربي كردستان التي بدأتها قامشلوا وتوسعت فيما بعد لتشمل جميع المحافظات السورية الأخرى التي يقطنها الكرد خمسة أعوام. بداية، في الذكرى السنوية الخامسة لهذه الحادثة التاريخية نحي جميع الذين انتفضوا واستشهدوا فيها. ونقف اجلالاً وتكبيراً لأرواح جميع شهداء الإنتفاضة. وكما اننا ومن خلال هذه المناسبة نحي المقاومة الباسلة التي ابداها المعتقلون في السجون السورية, ضد جميع أنواع التعذيب والتنكيل من قبل نظام البعث. كما اننا من خلال احياء ذكرى هذه المناسبة نحي الشعب الكردي الذي اثبت استعداده الكامل في كل لحظة لإعطاء الإجابة المرحلية الصحيحة والذي لم يبخل بالتضحيات يوما في سبيل الوطن والثورة، بل قدم ما يملكه من روح و مال في سبيل الحرية والسلام. بلا شك، هناك حاجة للقيام بتحليل هذه الحادثة و تقييم الاحداث المتعلقة بها بعد مضي خمس سنوات من جديد.  كانت منطقة الشرق الاوسط في عام 2004تعيش مرحلة تطورات وتغييرات هامة, حيث كانت الولايات المتحدة الامريكية  قد قامت بغزو العراق, و امتلكت زمام الحكم والسلطة فيها منذ فترة طويلة. ويسعى كل من بوش وطاقمه المتشكل من المحافظين الجدد الذين كانوا حاكمين في الولايات المتحدة الامريكية  الى جعل العراق بداية لنهاية الانظمة المحافظة القائمة في الشرق الاوسط، أي يجعلوا من العراق ارضية اساسية لتغيير النظام السياسي القائم في المنطقة، ليستطيعوا حماية مصالحهم وفرض حاكميتهم عليها بشكل تام.

بلا شك اثارت الولايات المتحدة الامريكية بمداخلتها المنطقة مخاوف وارتباك المحافظين الذين يسعون الى حماية وتأمين استمرارية انظمتهم في الشرق الاوسط. من اجل هذا, سعوا الى ازالة جميع الامكانيات ، الفرص والمؤهلات التي تشكل عائقا وتهديدا على مصالحهم ووجودهم. خاصة تأتي كل من"سورية, تركيا, ايران" في مقدمة الدول التي ترى وجود الشعب الكردي والحركة التحررية الكردية عامل تهديد لها, ويعتبرون الكرد عملاء وحجة مناسبة لمداخلة القوى الخارجية، واعطوها اهمية كبيرة في وسائلهم الاعلامية كطريقة مؤثرة للدعاية والتحريض لذلك. من ناحية, لكي لا يستفيد الشعب الكردي من التوازنات التي حدثت بعد المداخلة الخارجية, وان لا يتم القضاء على سياسة الانكار والامحاء في منطقة الشرق الاوسط, ومن ناحية اخرى أرادوا ومن خلال استنفار الراي  العام بمناهضتهم للكرد. كي يتم تطبيق هذه السياسة في الساحة العملية  اثاروا وزرعوا الفتن بين صفوف الكرد. اثاروا هذه الفتن بين صفوف الشعب الكردي في عموم كردستان ولكن تم خلقها بشكل خاص في القسم الغربي من كردستان. في تلك الفترة ازدادت وتكاثفت الهجمات المنظمة ضد القيم الوطنية الكردية. في االاساس ان كل من النظام ومؤيديها من الشوفينين العرب كانوا يقوموا بخلق الفتن من خلال قيامهم بزرع روح الشوفينية العربية, الهجمات الكثيفة والضارية على القيم الوطنية للشعب الكردي, ساهمت بابداء الكرد رد فعل قوي, وتعتبر هذه  من أهم الأسباب الهامة لتلك الحادثة. إذاً, قيام كل من نظام البعث ومؤيديه من الشوفينة العربية بخلق الفتن وبشكل منظم من خلال نشرهم للشوفينية العربية شكلت سببا في اندلاع هذه الاحداث وتوسيعها. ما قام به الكرد, هو ابداء مقاومة مشروعة و محقة تجاه هذه الممارسات اللاحقوقية التي ارتكبت بحقه و بحق قيمه الديمقراطية والوطنية. بالطبع, انها تحتوي على جوانب اخرى ايضا. فالقوى الدولية المستعمرة وخاصة الولايات المتحدة الامريكية, ابرزت نفسها كداعمة وحامية للديمقراطية والحرية, ولكن هذا الوصف كان من أجل فرض تهديد على الانظمة فقط لا غير. أي انها وجهت الرسالة التالية للانظمة الموجودة في المنطقة: "هناك وجود لقوى مخالفة ومناهضة لكم دائما، وانا قادر على تقديم المساعدة والمساندة الى هذه القوى متى ما شئت ، وهذا بدوره سوف يقوم بخلق العقبات والتهديدات لنظامكم ومصالحكم". ولكن من الناحية العملية ان كل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي لم تبرزا أية مواقف ضد عمليات القتل الجماعي التي ارتكبت بحق الكرد عام 2004 في غربي كردستان, رغم انها كانت ممارسات لاحقوقية ضد مواقف ومتطلبات الشعب الكردي المشروعة. هذا بدوره اثبتت سوية مشاركة القوى الخارجية الى جانب القوى المحلية في عمليات القتل العام التي ارتكبت بحق الشعوب جراء المؤامرات والفتن التي قاموا بها. كما ان الدول المستعمرة لكردستان كانت متفقة فيما بينها. ففي تلك الفترة خططت الدولة التركية للقتل الجماعي, ومارست الهجمات والتعذيب المنظم ضد كل من قيادة حركتنا وشعبنا الكردي, وكذلك تطور هجمات الجمهورية الايرانية ضد الشعب الكردي والتي وصلت الى ذروتها من خلال اعتقالها لمناضلين الحركة واتخاذ قرار الاعدام بحقهم. انطلاقا من هذه المواقف التي  مارستها كل من تركيا وايران. هاجمت الدولة السورية الشعب الكردي المسالم والمطالب بحقوقه المشروعة لحماية قيمه الوطنية و الديمقراطية بكل اشكال القتل والتعذيب. بالطبع يجب ان لا ننسى, ان حالة الارتباك والخوف التي اصابت الدولة السورية هي من جراء التهديد التي شكلتها الحركة، فارتكبت ممارسات عنهجية ولا انسانية, وجاءت الانتفاضة كرد فعل ورسالة واضحة ضد هذه الممارسات. وجه الكرد رسالتهم بهذا الشكل, تحلى الكرد في تلك المرحلة بنضوج سياسي وتنظيمي, ومن خلال هذه التعبئة والنضوج والمعرفة ارادوا حماية قيمهم  باتخاذ مواقف اكثر فعالة وتاثيرا, وبالرد على كافة الممارسات التي ترتكب بحقه ولن تصمت مثل السابق. وانهم على استعداد كامل لحماية قيمهم بكل الاشكال والاساليب ضد قوة العدو, و خاصة ضد الممارسات الشوفينية، التي  تمس قيمه الوطنية والديمقراطية. نأمل بان الجميع على معرفة بما اراد الشعب الكردي التعبير عنه في رسالته..

كما كانت مواقف الدولة السورية واضحة جدا تجاه الكرد، و يمكننا استخراج بعض النتائج من تلك المواقف. احدى هذه التنائج هي, ان الدولة والنظام السوري غير مستعدة ومؤهلة  للقيام بتحول ديمقراطي في تلك المرحلة. رغم اعطاء الرئيس السوري "بشار الاسد" وعود اثناء توليه زمام الحكم بعد وفاة والده "حافظ الاسد" بتفعيل العملية الديمقراطية والتقرب بشفافية لاجل القضايا الموجودة, وحتى انه في بعض الاحيان اشار الى وجود الكرد واقامة علاقات متبادلة على اساس المساواة والصداقة والعدالة، ولكن اتضح مع مرور الزمن بعدم وفائه لوعوده عمليا, بل ذكرها من اجل التخفيف من حدة الضغوطات الدولية على النظام القائم. وذكر ايضا بأنه في محاولة جدية لأجل القيام ببعض التغييرات, ولكن كل ذلك لم يتجاوز حدود الدعاية والتحريض. اتضح في الثاني عشر من آذار عام 2004 ان النظام لم يتخلى عن تقرباته التي تستند الى الشدة وانكار جميع الحقوق الديمقراطية. ومازال يستمر  وفق النظام السابق, وتتبع الاساليب التي تستند الى الشدة في الوقوف ضد أي فئة او حركة مناهضة للنظام. كما  اوضح عدم قدرته على الاعتراف بالكرد والوجود الكردي. في الفترة التي بدأ فيه الشعب بابداء مواقفه عن طريق الانتفاضات السلمية المشروعة، ادلى البعض من اداريي النظام و في مقدمتهم رئيس الجمهورية وبعض الوزراء ببعض التصريحات, ومنها تصريح رئيس الجمهورية القائل  " الكرد نسيج هام من المجتمع السوري، وسنسعى الى حل بعض القضايا في المستقبل القريب". ان هدف هذه التصريحات المستندة الى الكذب والخداع هو التخفيف من حدة المواقف الذي اظهره الشعب والذي وصل الى مستوى يهدد النظام البعثي في الكثير من المناطق الكردية. اضطرت الدولة الى افراغ الكثير من المخافر والمؤسسات التابعة لها في تلك المناطق، وتداخل الجيش بشدة ودون تفرقة.  واتضح بعد مضي بضعة ايام على تلك التصريحات, بأنها لا علاقة لها بالصحة، وانها مجرد اكاذيب ليتراجع الكرد عن مطاليبهم الحقوقية المشروعة ومواقفهم المناهضة  للممارسات  القمعية والتعسفية التي ترتكب بحقه. والجانب الهام الذي ينبغي التوقف عليها هو استخدام الانظمة كافة اساليب الشدة والقمع السياسي تجاه مقاومات الشعوب وحركاتهم التحررية صغيرة أكانت ام كبيرة دون تفرقة. تبين ذلك بوضوح من خلال تسليح النظام السوري بعض العشائر العربية الشوفينية ضد الشعب الكردي العزل، مثلما حدث شبيه هذا المثال في السودان، حيث سلحوا قبيلة جنجويد  التي قامت بعلميات القتل والغصب والنهب والسرقة بحق قبيلة دارفور السودانية والتي مازالت مستمرة باعمالها حتى الان- وكذلك توطين اشخاص وعوائل من مناطق سورية اخرى  في المدن الكردية بشكل قسري وتحت قرار السكن الاجباري وتسليحهم. قاموا بعلميات النهب والسرقة في بعض المدن مثل الحسكة ورأس العين وقسمياً قامشلي وغيرها من المدن الاخرى بتعليمات من الجهة الامنية. نهبوا اموال الشعب وحرقوا الكثير من المحلات التجارية التابعة للكرد وقتلوا الكثير من ابناء الشعب الكردي. تشير كل هذه السياسات الى ان الدولة ستهاجم بكافة الاساليب اللانسانية اية مطالب لا تتناسب مع النظام السلطوي الشوفيني الحاكم ودون وضع الحدود للممارساتها. القضية الهامة الاخرى والتي توضحت بعد الانتفاضة هو حقيقة الدولة. حيث قامت الدولة بحملات اعتقالات واسعة النطاق وتعذيب كبيرة, واعتقال المئات من دون سن الاحداث, وحتى قتل وتعذيب الذين لا علاقة لهم بتلك الحادثة, ما زالت عمليات الاعتقال الواسعة والشاملة تلك  مستمرة الى يومنا الحاضر. والاهم من كل ذلك تحويل المناطق الكردية الى مناطق عسكرية وبناء مراكز عسكرية فيها حتى في يومنا الراهن. أي وكأنها احتلت عسكريا القسم الجنوبي الغربي من كردستان من جديد. بعبارة اوضح كان هذا هو الهدف الحقيقي من وراء ممارساتها. ولكن هل اكتسبت المصداقية  والمشروعية, او وصلت الى اهدافها؟!. بلاشك يجب مناقشة هذا الموضوع بشكل صحيح وواضح. لو لاحظنا سنرى بان الكرد في الجنوب الغربي من كردستان لم يبقوا في أي يوم من الايام  بدون تنظيم, و يظهرون مواقفهم في جميع الاوقات بطرق واساليب مختلفة ضد الممارسات اللاقانونية التي ترتكب بحقهم, ومرتبطين بكافة النضالات التي تتم في الاجزاء الاخرى من كردستان, ابدت الشبيبة والمراة الكردية وجميع فئات المجتمع الكردي في غربي كردستان مواقف مقاومة ملفتة للانتباه، خاصة اثناء مرحلة حملة "تحرير القائد آبو". وهذا بدوره يدل على ان كافة مساعي الدولة التي استهدفت القضاء على نضالات ومقاومات الشعب الكردي وحركته التحررية الوطنية باءت بالفشل. لم يعترف النظام السوري بالقضية الكردية والكيان الكردي منذ القديم والى راهننا, حيث انكرتها بشتى الوسائل ومختلف السياسات. من هذا المنطلق، لو امعنا النظر الى تاريخ الدولة السورية سنتأكد من حقيقة هذه السياسة بشكل اكبر. مرت على سوريا بحكومات مختلفة -رغم أنها لم تتغير منذ اربعين عاما- الا ان الحكومات السابقة مارست نفس السياسات والمواقف تجاه قضية الكرد ووجوده. اتبعت هذه الحكومات ممارسات العنف والشدة لسد الطريق امام تطور الوعي الوطني الكردي, وما ممارسات حرق الاطفال في سينما عامودا في اعوام الستينات, وحملات التعذيب والاعتقال المنظم والشامل ضد الشعب الكردي, والكثير من الممارسات الاخرى، إلا سياسة مشتركة لجميع الحكومات التي حكمت سورية.

اما النقطة الثانية, كانت هناك مشاريع ملفتة للانتباه جدا في تلك الفترة. الأولى مسألة الحزام العربي, وتعتبر هذه السياسة الجزء الآساسي والهام من السياسة السورية تجاه القضية الكردية. أي انها سعت الى تعريب كردستان عن طريق الحزام العربي, وقطع علاقة الكرد مع الكرد في الاجزاء الاخرى, أي قطع صلة وعلاقة الكرد في غربي كردستان مع الكرد في الشمال و الجنوب من كردستان, وبناء حزام عربي لتشكيل منطقة محصنة يقطنها العرب. شكل الحزام العربي وممارسات الاستيلاء على الاراضي الكردية وتوزيعها على العرب سببا هاما في هجرة الكرد من مناطقهم الى مناطق ومحافظات سورية اخرى وخارجها لاسباب اقتصادية وسياسية واجتماعية. نرى اليوم ان الكثير من المحافظات السورية كاللاذقية, حمص, حماة, دمشق, حلب, وغيرها من المحافظات الاخرى قد عجت بالشبيبة والعوائل الكردية, يعملون فيها مقابل اجور زهيدة جدا. هذه الخطوة هي الاخطر من اجل تعريب الكرد وصهر القومية الكردية في البوتقة العربية. تستمر هذه السياسة  منذ اعوام طويلة, بلا شك من الواجب القيام بمقاومة عظيمة لافراغ سياسة التعريب التي تمارس ضد الكرد. بوجود الحزام العربي لا يمكن حل القضية الكردية في سورية بالسبل الديمقراطية والسلمية.كما جرد لالاف من العوائل الكردية من جنسيتهم بعد احصاء عام عام 1962 في منطقة الجزيرة، نستطيع القول بان هذا الاحصاء هو رمز الرجعية الشوفينة. قاموا بهذه العملية ليثبتو في سجلاتهم الرسمية بعدم وجود الشعب الكردي في دفاترهم الرسمية وانهم ملتجئين وليسوا مواطنين سوريين، بل جاوؤا من دول الجوار واجانب. و لكن هناك اثباتات كثيرة قبل عملية الاحصاء التي تمت في اعوام الستين, تشير الى ان هؤلاء الذين لم يمنح لهم الجنسية السورية, قاموا بنضالات مختلفة، كما ان الكثيرين منهم مارسوا مهنة التعليم وادوا الخدمة الالزامية قبل تلك الفترة في الدولة السورية. لكنهم بهذه الطريقة الشوفينة  نزعوا صفة المواطنة السورية منهم في عملية الاحصاء تلك, كي لا يحسب الكرد من ابناء الشعب السوري. هناك نقطة اخرى مهمة والتي تثبت نوعية السياسة المتبعة بحق الكرد, الا وهي, حاكمية حزب البعث . حزب البعث هو حزب السلطة والحكم في سورية, انه حزب سياسي وقومي وشوفيني, يرى الكرد قوة تهديد لتقسيم وتجزئة المنطقة, ادلت في وثائقها الرسمية بان "الوجود الكردي في المنطقة العربية تعبر عن حالة تهديد وتقسيم وتفرقة". وعلى هذا الاساس حاولت كسب الراي العام العربي ضد الوجود الكردي. يستند حزب البعث ويؤمن بوجود الشعب العربي واللغة العربية الواحدة، ويعتبر الجغرافية الواصلة بين المحيط  الاطلسي والخليج العربي على انها اراضي ومناطق عربية. والعرب هم الوحيدون الذين يعيشون على هذه الجغرافية. لذا لا يقبلون وجود أية قومية اخرى وفي مقدمتهم الكرد على هذه الجغرافية. حتى انه لا يفكر باجراء بعض التغييرات في سياسيتها الشوفينية. لذا يستحيل دخول القضية الكردية مجرى الحل السلمي والديمقراطي تحت سقف نظام شوفيني ومتعصب الى هذا الحد في الجمهورية السورية. اما النقطة الاخرى والهامة هو اخذ سوريا مركزا في جبهة الاتفاق الموجود ضد الكرد. السياسة الجديدة التي تتبعها الولايات المتحدة الامريكية في العراق, والتي تم البدء بها مع استلام اوباما دفة الحكم, الا وهي "التراجع عن العراق, ووضعها في الدرجة الثانية من اهدافهم. يتبين من ذلك بان هذه السياسة  لا تسعى الى ان تجعل من العراق نموذجا لمشروعها في الشرق الاوسط, انما لحماية و صون مصالحها في المنطقة. وماتحديد فترة انسحاب قواتها من العراق, إلا عاملا فعالا في تقوية حجم الاتفاقيات ضد الكرد في الشرق الاوسط. ويتم رؤيتها في الفترة الاخيرة بشكل واضح. فقد وجه رئيس االجمهورية الايرانية نداء الى كل من سورية وعراق وتركيا, لاجل عقد اتفاق استراتيجي وسياسي فيما بينهم. ستاتي القضية الكردية في مقدمة القضايا التي ستناقش عليها في اتفاقياتهم. حيث ترى الدول المستعمرة لكردستان اهمية هذا الاتفاق وخاصة في المرحلة التي تضعف فيها السيطرة الامريكية على المنطقة, وبالاستناد الى هذا الضعف الموجود, يسعون الى القضاء على ما حققه الكرد من مكتسبات حتى و لو كانت جزئية كتلك التي تحققت في جنوب كردستان. وكذلك الحاق ضربات كبيرة بالحركة التحررية الكردية التي وصلت الى ذروتها في الاجزاء الاخرى من كردستان بقيادة "القائد ابو" وحزب العمال الكردستاني. بالاستناد الى هذا، نرى بان الدولة السورية تقوم بعمليات اعتقال و تعذيب واسعة في هذه الفترة وخاصة منذ الاول من شباط والى يومنا هذا, أي ان الشعب الكردي في جميع المحافظات السورية يتعرضون لعمليات اعتقال موسعة منذ بداية شهر شباط وحتى يومنا هذا. ان كل مؤيد و وطني والذين يريدون التعبير عن كرديتهم يتعرضون الى عمليات اعتقال و تعذيب في كل يوم على يد السلطة السورية. بهذا الشكل توضح مكانتها ودورها في الاتفاق القائم ضد الكرد. كل ذلك يؤكد بان الدولة السورية صاحبة ممارسات انكارية وامحائية ضد الكرد. ولكن هذه السياسة تنهزم وتتراجع عندما ترتفع وتيرة النضال التحرر الكردي. وخير مثال ما رايناه في الثاني عشر من اذار، عندما تراجع المسؤولين السوريين عن هذه السياسة والاعتراف ولاول مرة بالوجود الكردي في تلك المنطقة وبشكل علني. يؤكد ذلك بانه ما من قوة تستطيع الصمود امام ارادة الشعوب ومطاليبها في تحقيق الحرية والسلام. لذا نخص بالذكر وخاصة لشعبنا في الجنوب الغربي من كردستان اننا نعلم تماما بان هذا النظام لا يعترف بالحقوق الديمقراطية باي شكل من الاشكال، بل انه نظام يسعى الى حل جميع مشاكله بالاستناد الى كافة اساليب العنف والشدة والضغط. ومن جانب اخر تريد نيل الانتقام من الداخل و خاصة من الشعب الكردي اثر الضغوطات التي تتلقاها من القوى الخارجية.

 يسعى النظام من خلال ممارسة العنف والتعذيب والاعتقالات العشوائية على الشعب الكردي الى فرض الاستسلام, و لكن يجب معرفة حقيقة هذه السياسات وفضحها من خلال النضالات السياسية والتنظيمية بالاستناد الى الوحدة الوطنية والتكاتف جنبا الى جنب مع الاجزاء الكردستانية الاخرى. لن تكتفي الدولة بفرض الاستسلام فقط, بل انها تسعى الى القضاء على كل شيء يتعلق بالكرد. نستطيع القول بان هذه هي حقيقة سياسة الانكار والامحاء ضد الكرد في المنطقة. يوجد طريقة واحدة للخلاص من هذا النظام، الا وهي المقاومة والصمود والتكاتف ضد هذه الممارسات بمعرفة ودراية وطنية ديمقراطية. لهذا ان الكرد في غربي كردستان يحتاجون الى وحدة قوية ومتينة اكثر من أي وقت مضى. وحدة قائمة على اساس توحيد المجتمع الكردي, وحدة حقيقية تستند الى اهداف من اجل الحقوق والحريات, عندما نتحدث عن الوحدة لا نقصد تلك الوحدة المتشكلة بتجمع عدة تنظيمات منحلة مع البعض, انما نقصد وحدة قائمة على توحيد الاهداف الوطنية الشعبية الديمقراطية. بدأ من وحدة الشبيبة, المراة, الكادحين, الفلاحين, وحدة تضم جميع فئات المجتمع الديناميكية, وليس وحدة القوى والفئات التي تفتقد الى الحيوية والحياة والتي لا تقوى على ابداء ارادة المقاومة والنضال ضد العدو. هناك حاجة لوحدة تشمل القوى التي تنبض بالحياة والقادرة على تقوية التنظيم الديمقراطي التي تشمل جميع فئات المجتمع. لاجل الوصول الى ماذكرناها يجب اتباع اساليب وطرق ناجحة في النضال الديمقراطي. وذلك لافشال كافة الممارسات التي تستهدف نضالنا وتحاول فرض الاستسلام على شعبنا وسد الطريق امام مقاوماته. بذلك نستطيع سد الطريق امام نجاح هذه السياسات وافشالها. بلاشك, في الذكرى السنوية لانتفاضة الثاني عشر من اذار, من المهم ان نكون اوفياء ولائقين لهؤلاء الشهداء الذين فقدوا اراواحهم في تلك الانتفاضة, قدمت هذه المنطقة الالاف من الشهداء في جنوبي وشمالي كردستان. وضحت بفلذات كبدها شهداءً في جميع اجزاء كردستان، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا. أي ان الشهداء كانوا و مازالوا يمثلون الشعلة المنيرة للنضال الديمقراطي في غربي كردستان. بلا شك ان النصر حليف النضال الذي يقوم الشهداء بتنوير مسيرته. في الفترة التي تقوم فيها نضال التحرر الكردي بملاقاة هذه المصاعب والضغوطات, فهي في نفس الوقت تعيش اقوى وانجح مراحلها من خلال  نضال الحرية والحركة التحررية الكردية بقيادة القائد آبو وحزب العمال الكردستاني. بدأ من الانتفاضات الشعبية في شمال كردستان وارتفاع سوية حرب الدفاع المشروع, والى حرب المقاومة في شرق كردستان سواءا في السجون ام الجبال, وغربي كردستان وجميع المناطق التي يقطنها الكرد. ان هجمات الدول المستعمرة ناجمة من الضعف التي تعانيه واكثر من اية مرحلة اخرى, واثبت لهم بانهم لم يعد باستطاعتهم اتباع نفس السياسة بحق القضية الكردية والوجود الكردي. لان الكرد اكتسبوا معرفة وطنية ديمقراطية وصاحب نضال وطني لا يمكن انكارها مثل السابق, وانهم مستعدين لتقديم اكبر التضحيات من اجل حماية وصون تلك القيم اكثر من أي وقت مضى, وخاصة اثبت شعبنا في غربي كردستان بانه كان ومازال صاحب مقاومة بطولية وسيبقى مستعدا لتقديم ما يقع على عاتقه لاجل الوطن والثورة ولن يتراجع عن ذلك مهما كان الثمن غاليا.