مقالات وأبحاث

ثنائية الحاكم والمحكوم ليست ضرورة تاريخية ولا تمثل صيرورة المجتمع الطبيعية...

حسين شاويش

ما عدا بعض الاستثناءات التي لا تتجاوز أصابع اليد، كل الفلاسفة والمفكرين والأنبياء ورجال العلم وقعوا في نفس الخطأ وسلكوا نفس المنهج ووصلوا إلى نفس النتيجة! هذا المنهج الخاطئ والمتناقض مع طبيعة الوجود هو اعطاء الشرعية لثنائية التناحر الهدام والقائم على إنكار الفرو قات أو تصفيتها لبعضها البعض، وبالتالي النظر إلى ثنائية القوي والضعيف كأمر شرعي. كأن مثل هذه المعادلة هي من طبيعة الأمور. مع العلم أن هذه الثنائية الهدامة، هي من صنع الرهبان السومريون وأرستقراطيتها المدنية تصاعدت هيمنة هذه الثنائية ذهنياً ومؤسساتياً مع توسع نفوذ الدولة أفقيا وعاموديا السيد والعبد، الإقطاعي والقن الرأسمالي والبروليتاري، والمرأة الخاضعة والرجل الحاكم، الحاكم والمحكوم، المؤمن والكافر،....الفاعل والمفعول، كل هذه التناحرات المختلقة والمصطنعة ليست طبيعية وليست منسجمة مع جوهر الكون والمجتمع والوجود برمته. الذرات والجسيمات والجزيئات والفوتونات تعبر عن التنوع والتعدد والانسجام والتناغم وليس التناحر والعبودية والإنكار والتصفية.

طبيعة الحياة هي الحرية. والحرية ليست هدامة بل على العكس تماماً، الحرية هي الانسجام والتكامل في إطار الوحدة الكونية . طالما هناك وحدة وترابط شامل فيما بين كل الظواهر والحوادث بشكل مرئي أحياناً وبشكل غير مرئي لنا في أحيان أخرى، إذاً هناك تكامل وتناغم فيما بين الفرو قات والاختلافات الطبيعية .ولكن ما أشرنا إليه هو الفرو قات والاختلافات المتناقضة مع طبيعة المجتمع والكون والطبيعة والثنائيات المتناقضة مع جوهر الحرية لأن الفرو قات والاختلافات فيما بين الهويات والثقافات واللغات ظهرت بشكل طبيعي في مسيرة تطور المجتمع وليس بشكل مصطنع ولكن تقسيم المجتمع إلى طبقات وفئات حاكمة ومحكومة هو تقسيم وتصنيف غير طبيعي وغير شرعي ومتناقض مع جوهر وحقيقة الوجود الاجتماعي. كما أن ظهور السلطة والدولة والطبقة الحاكمة أمر غير طبيعي وغير شرعي. لا توجد في الذرة الكترون أو نترون أو بروتون حاكم وآخر محكوم، بل هناك الكترون إيجابي ونترون أو بروتون سلبي كأمر طبيعي يعبر عن التناغم فيما بين أجزاء الذرة. ثنائية المادة والمعنى أو المادة والطاقة هو انعكاس عن التنوع والانسجام والتكامل، لأن الوجود معنوي بقدر ما هو مادي وحتى أكثر. المادة لها معنى عندما تحمل في طياتها طاقة فعالة متدفقة هذه المعادلة تمثل جوهر الحياة والوجود .المادة لها معنى مع الروح التي تمثل الطاقة وعقل الكون. الصفة التشاركية القائمة على الإرادة الحرة والتوازن والمساواة هي صفة طبيعية وجوهرية للذرة والجزيئات والجسيمات والفوتونات والموجة الضوئية وخلايا الإنسان.حتى البنية البيولوجية المعقدة لذهن الإنسان تتجسد في العمليات العقلية المنسجمة مع بعضها البعض كخيال وكعاطفة وكمعرفة تعبر عن العلاقة فيما بين المادة والطاقة في أرقى أشكالها التي تمثلها مخ الإنسان. طبيعة المخ كوانتومي، لا تستطيع أيه قوة أن تتحكم بعملية تطور الوعي والمعرفة كنتاج للذكاء العاطفي والتحليلي. لأن طبيعة الذهن وخصوصية طاقتها الموجية هي الحرية والتنوع والتعدد الرافضة للمطلقية والحتمية أو القدرية، أن موجات الطاقة المعرفية لا تقبل الحدود ولا المشاريع المسبقة الصنع ولا تقبل الجمود ! هذه الموجات تتدفق في إطار التنوع والتعدد ولا تقبل لوناً واحداً أو خصوصية مطلقة واحدة .كل شيء فيها طاقة وروح، هذه الحقيقة لا تقبل التقسيم العلموي للأشياء على أساس جامد وحي. لا يوجد شيء جامد، بل كل الموجودات تحوي في داخلها طاقة (روح)فعالة تمثل جوهر ذلك الموجود. من هذا المنطلق فإن ثنائية الجامد غير الفعال والحي الفعال لا تجسد الحقيقة. كما أن ثنائية السيد الفعال العاقل والعبد الغير فعال والجاهل لا تمثل الحقيقة .ثنائية الحاكم والمحكوم ليست ضرورة تاريخية ولا تمثل سيرورة المجتمع الطبيعية، بل انحراف في مسيرة المجتمع البشري. تمكن القائد آبو من الوصول إلى النتائج التي توضح عدم وجود الضرورة لظهور الدولة والسلطة من خلال

انتقاداته الجذرية لهذه الثنائية الهدامة التي قسمت المجتمع إلى طبقات وفئات معادية ومتناحرة ومتحاربة . بدلاً من هذا الثنائية السلبية التي فرضتها العلموية الأوروبية بالاعتماد على ميراث الأسطورة الرهبانية السومرية، قدم القائد آبو ثنائية المادة والطاقة المتعددة والمتناغمة والمتجانسة في إطار التشاركية الطبيعية دون أن ينفي أحداً منها الآخر على أساس أطروحة جديدة بعد تجاوز الدوغمائية الشرقية والمنطق العلموي الغربي .