كلُّ مُكَوّنٍ أو وحدةٍ Birim اقتصادية، لا يُمكِنُ عيشها إلا بالوعيِ الأيكولوجيّ...
عبد الله أوجلان
لَم يَنحَصِرْ تطبيقُ الحاكميةِ الصناعيةِ على الاقتصاد، الذي أناطَته الحداثةُ الرأسماليةُ بالثورةِ الصناعية، بالهيمنةِ الاقتصاديةِ فحسب، بل ولها تداعياتُها الهامةُ على الاحتكاريةِ الأيديولوجيةِ واحتكاريةِ السلطةِ أيضاً. وبمعنى آخر، فالاقتصارُ على تحليلِ الصناعويةِ بأنها منطقٌ تكنولوجيٌّ بالمعنى الضيق، إنما يؤدي إلى أخطاءٍ أساسيةٍ جادة، مثلما اختزالُ الرأسماليةِ إلى الاقتصادِ فقط. فالوظيفةُ التي أناطَتها الرأسماليةُ بالصناعوية، إنما تُقَوِّضُ المجتمعَ الاقتصاديَّ عموماً ومجتمعَ الزراعةِ – القريةِ على وجهِ الخصوص. وتتحولُ الصناعويةُ في هذا المضمارِ إلى ممارسةٍ عمليةٍ بوصفِها احتكاراً أيديولوجياً واحتكارَ سلطة. وكلما تَقَوَّضَ وانهارَ المجتمعُ الاقتصاديّ، كلما بدأَ قانون الرأسماليةِ في الربحِ الأعظميِّ بالعَمَل. وهذا ما يتطورُ بدورِه بالتداخلِ مع احتكاريةِ الدولةِ القومية. من هنا، لا مفرَّ من ارتكابِ الأخطاءِ الأساسيةِ ونشوءِ النواقصِ في السياسةِ العمليةِ وباسمِ علمِ الاجتماع، ما لَم يُصَغْ تحليلُ الرأسماليةِ تأسيساً على دعاماتِ الحداثةِ الثلاث.
نتائجُ الدمارِ والانحلالِ الناجمَين عن ولوجِ المجتمعِ البشريِّ واقتصادِه تحت ظلِّ هيمنةِ الصناعويةِ بموجبِ قانونِ الربحِ الأعظميّ، قد تَبَدَّت كفايةً عبر ممارساتِ القرنَين الأخيرَين. والدمارُ الناجمُ عن الاحتباسِ الحراريِّ الكونيِّ لوحدِه، يُشَكِّلُ نتيجةً تُشَخَّصُ عِلمياً مع مرورِ كلِّ عامٍ بأنّها تُقَرِّبُ موعدَ القيامةِ أكثر فأكثر. فعيونُ العقليةِ العمياء بسببِ فاشيةِ الصناعوية، عاجزةٌ عن رؤيةِ البنيةِ الأيكولوجيةِ التي لا غنى عنها للمجتمعِ ونسيجِه الاقتصاديّ، وعن إدراكِ معنى هذه البنية. ما هو أخطرُ من عنفِ السلطة، هو الحِراكُ وفق حساباتِ تأمينِ سيرورةِ قانونِ الربحِ الأعظميّ في تطبيقِ الصناعويةِ على الحياةِ الاقتصاديةِ وكافةِ الأنسجةِ الاجتماعية (وبالمقدور تسميتها بالميادين أو المؤسسات الاجتماعية).
تَحمِلُ الصناعويةُ ضمنياً معنى تطبيقِ القواعدِ والمبادئِ النظريةِ والعمليةِ للفيزياءِ والكيمياءِ والبيولوجيا على المجتمع، وبالأخصِّ على بنيتِه الاقتصادية. وهذا ما يَجلبُ بدورِه دحضَ ورفضَ الطبيعةِ الاجتماعيةِ المختلفةِ كثيراً عن ذلك. فالطبيعةُ الاجتماعيةُ لا تُطِيقُ حَملَ نظامٍ مُنجَرٍّ دوماً وراءَ الربحِ الأعظميِّ على كاهلِها مدةً طويلة. ونخصُّ بالذكرِ أنّ الاستخدامَ الطويلَ الأَمَدِ لقواعدِ الطبيعةِ الموضوعيةِ الشيئانيةِ يعني الخروجَ من كينونةِ المجتمع. والفرديةُ الرأسماليةُ تُؤَيِّدُ صحةَ هذه الحقيقة. ذلك أنّ آليةَ عملِ قواعدِ الطبيعةِ الاجتماعيةِ خاصةٌ بها. حيث تَعمَلُ أخلاقياً وسياسياً. بينما السلوكُ الصناعويُّ مُرغَمٌ على تصفيةِ الآليةِ الأخلاقيةِ والسياسيةِ عاجلاً أم آجلاً. البطالةُ التي في الاقتصادِ مسؤولةٌ عن الهُوَّةِ بين الأزمةِ والواردات. والعواملُ الأوليةُ المُوَلِّدةُ للأيكولوجيا تَنبعُ من واقعِ الصناعويةِ ذاك المُعَرَّفِ باختصار. إذ لا يُمكِنُ لمجتمعِ العصرِ الصناعيِّ الاستمرارَ بحياتِه، دون تطويرِ أيكولوجيتِه في جميعِ الميادين. فكيفما أنّ الدساتيرَ الديمقراطيةَ تَهدفُ إلى تحجيمِ اللوياثان (وحش الدولة القومية)، فما سيُحَجِّمُ وحشَ الصناعويةِ أيضاً هو الأيكولوجيا. يتوجبُ الإدراكَ على أحسنِ وجهٍ أنّ حياةَ جميعِ الكائناتِ الحية، بما فيها النوعُ البشريّ، كانت في مرحلةِ ما قبلَ العصرِ الصناعيِّ أيكولوجيةً مشحونةً بالوعيِ الفطريِّ الغرائزيّ (الذكاء العاطفيّ الأكثر حِدةً وحسماً). إذ يستحيلُ على أيِّ كائنٍ حيٍّ غيرِ أيكولوجيٍّ الخلاص من الزوالِ والفناء. ولا ريبَ أنّ لكلِّ كائنٍ حيٍّ ذكاءٌ أيكولوجيٌّ خاصٌّ به. هذا وبالإمكان تقييم الصناعويةِ أيضاً على أنها العصرُ المتمردُ على الحياةِ الأيكولوجية. أما التمردُ على الأيكولوجيا، فهو سَيرٌ نحو القيامة. والمَحشرُ الذي نَبَّأَتبه الأديانُ قبل زمنٍ غابر، معنيٌّ جوهرياً بخروجِ المجتمعاتِ من كونِها أيكولوجية.
يتميزُ مجتمعُ الشرقِ الأوسطِ بدورٍ طليعيٍّ في تكييفِ ذاتِه مع الحياةِ الأيكولوجية. فقِصّةُ آدام وحواء وقصةُ نوح تُنَبِّئان بالكوارثِ الأيكولوجية. تؤدي الحياةُ الأيكولوجيةُ دوراً رئيسياً في ثقافةِ الأنبياء. فاعتبارُ الأنبياءِ للحياةِ الخارجةِ من كونِها أيكولوجيةً بأنها المحشرُ واللعنةُ وفرعون ونمرود، يُعَدُّ قاعدةً اجتماعيةً أساسيةً ينبغي أنْ تَكُونَ ساريةً الآن أيضاً. فمن دونِ هذه القواعدِ تَغدو إمكانيةُ سيرورةِ المجتمعاتِ في خطر. وعدمُ بلوغِ التقنيةِ الصناعيةِ إلى مستوى الصناعويةِ في المجتمعِ الاقتصاديِّ الشرقِ أوسطيّ، رغمَ استِخدامِها منذ آلافِ السنين، إنما هو متعلقٌ بالثقافةِ المعنويةِ للمنطقةِ وبِبُنيتِها الأخلاقية. إذ اعتُبِرَ التمردُ على الطبيعةِ مساوياً للتمردِ على الرب. بينما التمردُ على الطبيعةِ والتحكمُ بها يُعَدُّ في الثقافةِ الغربيةِ مبدأَ انطلاقةِ فلسفاتِها (فلسفة ديكارت). أما في المجتمعِ الشرقيّ، فالتناغُمُ والتأقلُمُ مع الطبيعةِ هو المبدأُ الأوليّ. إنّ التمردَ على الطبيعةِ وعدمَ التخلي عن التحكمِ بها، هو جوهرُ تصاعدِ الحداثةِ الرأسمالية. وهو في المرحلةِ الحاليةِ يعني بلوغَ الحياةِ الاجتماعيةِ منذ الآن مشارِفَ استحالةِ سيرورتِها في جميعِ الميادين.
بناءً عليه، فالتقاليدُ الاجتماعيةُ الشرقُ أوسطية متيقظةٌ ومتناغمةٌ مع الأيكولوجيا. والمَهَمَّةُ التي يجبُ القيامَ بها، هي مواجهةُ مواقفِ الرأسماليةِ والصناعويةِ الغازيةِ والمُبيدةِ والاحتلاليةِ بإعادةِ إنشاءِ المجتمعِ الأيكولوجيّ. السلاحُ الأوليُّ للعصرانيةِ الديمقراطية، هو اتخاذُها الاقتصادَ والمجتمعَ ذا الجوهرِ الأيكولوجيِّ أساساً لها. بينما الدورُ التاريخيُّ للصناعويةِ في الشرقِ الأوسط، هو تفكيكُ والقضاءُ على المجتمعِ الزراعيِّ التقليديِّ المُعَمِّرِ عشرةَ آلافِ سنة. فمجتمعُ الزراعةِ – القريةِ الذي كان يُشَكِّلُ مع اقتصادِه الجزءَ الأُمَّ من الاقتصادِ والمجتمعِ حتى قبلَ خمسين عاماً من الآن، بات مع التوجهِ صوبَ راهننا مُعَرَّضاً للتفككِ والانحلالِ سريعاً، مُنجَرّاً نحو الإفلاسِ والبطالة، مُغرَقاً بالديون، ومُرغَماً على الهجرة. أما التفكيكُ والتهجيرُ والتصفية، فيَعودُ إلى العداءِ المَكنونِ تجاه هذا المجتمع. ذلك أنه، ومن دونِ بعثرةِ وتشتيتِ مجتمعِ الزراعةِ – القرية، يستحيلُ تكرار النجاحاتِ الرأسماليةِ العالميةِ المتحققةِ في أصقاعِ العالَمِ الأخرى، مثلما ستصبحُ مضطرةً للدخولِ في خطرٍ يُهَدِّدُها، مثلما يُعاشُ منذ الآن (الخوفُ من المجتمعِ الإسلاميّ، ذُعرُ الإسلام).
تلعبُ الصناعويةُ دوراً رئيسياً في حروبِ الإمبرياليةِ في الشرقِ الأوسط وفي هيمنةِ الحداثةِ الرأسماليةِ ضمنه. فالصراعُ على المياهِ والنفطِ نموذجيةٌ في هذا الشأن. وستُضاعَفُ كثافةُ حروبِ المياهِ مستقبلاً. كما أنّ التحولَ ذا الأساسِ الرأسماليِّ في تفعيلِ الأراضي وتوظيفِها ميدانُ حربٍ أساسيةٍ أخرى سوف تَنشُب. إذ ينبغي فهمَ فَصلِ القرويِّ عن الأرضِ على أنه حرب. فغايةُ الحداثةِ الرأسماليةِ من الغزوِ خلالَ القرنَين الأخيرَين، هي وضعُ نهايةٍ لوجودِ ثقافةِ الحياةِ التي كَوَّنَها المجتمعُ الزراعيّ، الذي يُشَكِّلُ النهرَ الأمَّ والجزءَ الأساسيَّ من البشريةِ على مدارِ خمسة عشر ألف سنة. هذا ويجب البحثَ عن الإبادةِ الثقافيةِ ضمن هذا الواقع. فالدفاعُ عن المجتمعِ يعني صَونَ وحمايةَ ثقافةَ الحياةِ العظيمةَ تلك، ودَمَقرَطَتَها ونيلَ حريتِها تجاه إبادةِ الحداثةِ لها. ولدى تفسيرِ تاريخِ المدنيةِ على أنه حروبٌ احتكارية، فستُستَوعَبُ بنحوٍ أفضل أهميةُ صَونِ القبائلِ والجماعاتِ الدينيةِ لوجودِها بصفتِها أشكالَ القوةِ الأساسيةَ في الحضارةِ الديمقراطية. كما واضحٌ جلياً أنه عند إضفاءِ المعاني على تاريخِ المدنيةِ بهكذا دياليكتيك، فستُصاغُ تحليلاتٌ سديدةٌ أكثر بصددِ الصراعاتِ الدائرةِ حالياً. وسيُلاحَظُ أنّ الشيءَ المسمى بالحروبِ العشائريةِ والمذهبيةِ يعني حمايةَ المجتمعِ لوجودِه وهويتِه، ولو بمنوالٍ مُحَرَّف. النتيجةُ التي يجب استخلاصها من هذا السردِ المُعَقَّد، هي إدراكُ كونِ اللوياثانِ الحقيقيِّ هو الصناعويةُ المَعروضةُ على أنها الوسيلةُ المُحَبَّذةُ والأفضل للخلاص.
العنصران الأيكولوجيان الأساسيان اللذان يَخطران بالبالِ لدى ذِكرِ مجتمعاتِ ومدنياتِ وحضاراتِ الشرقِ الأوسط، هما سلسلةُ جبالِ طوروس – زاغروس ونظامُ أَنهُرِ النيل – الفرات – دجلة – البنجاب. والمجتمعُ الذي غَذّاه هذان النظامان، يَمُرُّ الآن بأكثرِ مراحلِه مأساةً. فلَطالما قَدَّمَت القومويةُ والدينويةُ والشيوعيةُ المشيدةُ نفسَها على أنها المُنقِذ. لكنّ النتيجةَ البارزةَ للعيان تُضاهي ما في السابقِ سوءاً بأضعافٍ مضاعَفة. إذ لا مَهربَ من ظهورِ النتيجةِ بهذا الشكل، ما دامَ التحليلُ خاطئاً. فهذه الأيديولوجياتُ الاحتكاريةُ التي لا تُجانِبُ مصطلحَ الحداثةِ الرأسمالية، ككلياتيةٍ متكاملةٍ أم كـ"فترةٍ بنيوية"، عندما يأتي الدورُ على الصناعوية، فإنها تَسجدُ أمامَها بخشوع، وكأنها التَقَت معاً عند إلهِها المشتَرَك. إنّ الأيديولوجياتُ المذكورةُ تَعبدُ الصناعويةَ وكلُّها إيمانٌ بأنها ستَفتحُ لها بابَ الجنة (ثاني أعظمِ صفةٍ للإلهِ الدُّنيَوِيِّ بَعدَ الدولةِ القوميةِ هي الصناعوية). ومِن وضعِ الفوضى الذي تَحياه أُمَّةُ هذا الإلهِ الدُّنيَوِيِّ الجديد، بوِسعِنا الاستنباط بالأكثر مدى استحالةِ العيشِ الصائبِ لحياةٍ مُؤَسَّسةٍ بشكلٍ خاطئ. ودونَ أيِّ تردد، بالمقدورِ القول أنّ هذا الإلهَ أكثرُ جُوراً وتَعَسُّفاً بكثير من جميعِ آلهةِ العصورِ المنصرمة. كما وبالإمكانِ تفسير إنهاءِ ثقافةِ حياةٍ رادَت البشريةَ حقبةَ ناهَزَت الخمسةَ عشرَ ألفِ سنة، على أنه ضربٌ من المحشر. والعصرانيةُ الديمقراطيةُ مُلزَمةٌ بالنظرِ من هذا المنظورِ التاريخيّ، لدى تَخَطّيها للحداثةِ الرأسماليةِ المتصاعدةِ كأطروحةٍ مضادةٍ لها. وبوصفِها حاضرَ هذا التاريخ، فهي مُكَلَّفةٌ بامتلاكِ التعبيرِ العلميِّ والبنيةِ التنظيميةِ بأكملِها لعمليةِ البناءِ بنحوٍ حرٍّ وديمقراطيٍّ ومفعمٍ بالمساواة.
لقد بدأَ الشروعُ بتشييدِ صرحِ الاتحادِ الأوروبيّ، حصيلةَ الدروسِ المُستَخلَصةِ من إحصائياتِ الحروبِ وعملياتِ الدمارِ المُعاشةِ في فترةِ ثلاثةِ قرونٍ بحالِها من تَصَلُّبِ نظامِ واستيفاليا (أول نواةٍ لتوازنِ الدولةِ القومية)، الذي أُعِدَّ عامَ 1648 كحلٍّ لوضعِ الفوضى البارزةِ للوسطِ بعدَ الحروبِ المذهبيةِ المُرَوِّعة، التي تُضارِعُ ما شَهِدَه التاريخُ البشريُّ برمتِه منها أضعافاً مضاعفة. فكيفما تَطَوَّرَ نظامُ واستيفاليا كأطروحةٍ مضادةٍ للحروبِ المذهبية، فنظامُ الاتحادِ الأوروبيِّ أيضاً تَطَوَّرَ كأطروحةٍ مضادةٍ لنظامِ واستيفاليا بصددِ الدولةِ القومية، والذي سعى إلى تغييرِ تَصَلُّبِه بالإصلاح، لا بالثورة. أما الخلاصُ بانطلاقةٍ إصلاحيةٍ من فاشيةِ الدولةِ القوميةِ التي بَلَغَت أَوجَها في الحربِ العالميةِ الثانيةِ وانتَهَت إلى الإبادة، فهو اسمٌ لإعادةِ إنشاءِ الذاتِ في هيئةِ قانونِ حقوقِ الإنسانِ ومجموعةِ الدولِ القوميةِ الديمقراطية. لكن، ولأنه بدأَ بانطلاقتِه من أرضيةٍ خاطئة، فهو عاجزٌ عن تحقيقِ التعمقِ في أهدافِه، بل وعن تشكيلِ كونفدراليةٍ رَخوةٍ للغاية. وسببُ ذلك يُعزى إلى كونِه انطلقَ في دربِه من عقليةٍ صناعيةٍ بحتة مِن قبيلِ "منظمة الفحم والصلب ". إذ يستحيلُ إنشاء مجتمعٍ حرٍّ مفعمٍ بالمساواةِ بالالتفافِ حولَ هكذا اتحادٍ ووفق إطارِ أهدافِ حقوقِ الإنسانِ والدولةِ القوميةِ الديمقراطية. المهمُّ هنا هو شعورُ الحداثةِ الرأسماليةِ بالحاجةِ لتمريرِ نفسِها من الإصلاحِ في وطنِها الأمّ. ومع ذلك، فولوجُها في سياقِ إصلاحِ الاتحادِ الأوروبيّ، بَعدَ خَوضِها تجربةَ استحالةِ قيادتِها للنظامِ العالميِّ بِبُنيةِ الهيمنةِ القديمةِ الصارمة، يُعتَبَرُ حَدَثاً سيَكُونُ له تأثيرُه المُعَيِّنُ على النظام. أما عدمُ إبداءِ أيةِ قوةٍ حداثويةٍ – فيما خَلا الاتحادِ الأوروبيِّ – المهارةَ أو القدرةَ على الشعورِ بالحاجةِ إلى إطراءِ الإصلاحِ على ذاتِها جوهرياً، فيَنبَثِقُ من شكلِ الهيمنةِ الصارمِ والمتصلب. يَلوحُ أنْ لا خَيارَ أمام قوى الحداثةِ الأخرى سوى اقتفاء أثرِ الاتحادِ الأوروبيّ، ما دامَت تابعةً لدعاماتِ النظامِ القائمِ الأساسية.
بناءً عليه، فاتنظارُ التَحَوُّلِ الإصلاحيِّ من الحداثةِ الرأسماليةِ الساعيةِ لإنشاءِ ذاتِها في الشرقِ الأوسطِ طيلةَ قرنَين من الزمن، يَبدو أمراً غيرَ واقعيّ. قد تَشهَدُ إمكانيةَ الإصلاحِ ضمن التحالفِ مع الاتحادِ الأوروبيّ. وفي هذه الحالةِ سيتجذَّرُ باستمرار وضعُ المنطقةِ المتأزمُ والفوضويّ. والواقعُ اليوميُّ القائمُ يُؤَكِّدُ صحةَ هذا الحُكم. ولهذا السببِ بالذات، يُعَدُّ تجاوُزُ نظامِ الاتحادِ الأوروبيِّ شرطاً لا بدَّ منه لأجلِ الإصلاح. فلا الجريانُ التاريخيُّ للشرقِ الأوسط، ولا شروطُه الاجتماعيةُ المرحليةُ مساعِدةٌ لأجلِ إصلاحاتٍ من نوعِ الاتحادِ الأوروبيّ. والبحثُ عن سُبُلٍ جديدة، يتأتى من هذا الواقع. لقد شَدَّدنا مَرّاتٍ عديدةً أنّ الإسلامَ الراديكاليَّ والجمهوريةَ الإسلاميةَ وبُحوثُ الجماعاتِ لا هَمَّ لهم – نظرياً أم عملياً – بتجاوُزِ الحداثةِ الرأسمالية. فالحدُّ الأقصى من برنامجِهم يتمثلُ في حداثةٍ رأسماليةٍ ذاتِ طلاءٍ إسلاميّ. أي أنّ الصَيرورةَ صوبَ سَلَفِيةِ الإسلامِ الجديدة، أو صوبَ البروتستانتية (الكالفينية)، لا همَّ لها سوى الاستيلاء على الدولةِ والمجتمع بالتأسيسِ على ذلك. وما عَجِزَ العلمانيون عن النجاحِ التامِّ فيما رغبوا القيامَ به عبر القومويةِ التي هي دينُهم الدُّنيَوِيّ، إنما يَجهدون لإكمالِه بالقناعِ الإسلاميّ. أي أنّ جوهرَهم نفسُه، ألا وهو الحداثةُ الرأسمالية.
أما الاشتراكيةُ المشيدةُ بوصفِها الجناحَ اليساريِّ للعلمانية، فلا مشكلة لديها أصلاً باسمِ التضادِّ مع الحداثة. فكلُّ ما تَوَدُّ النجاحَ فيه هو إحلالُ رأسماليةِ الدولةِ مَحَلَّ الرأسماليةِ الليبرالية. أما نتيجةُ ذلك، فكانت إنشاءَ حداثةٍ أفظعَ تَعَسُّفاً ودماراً من الرأسماليةِ الليبرالية.
إذن، والحالُ هذه، فتطويرُ العصرانيةِ الديمقراطيةِ في الشرقِ الأوسطِ كأطروحةٍ مضادةٍ تجاه الحداثةِ الرأسمالية، إنما يتصدرُ لائحةَ الاحتمالاتِ الساريةِ في سبيلِ تجاوُزِ وضعِ الأزمةِ والفوضى المتجذرتَين طردياً مع مرورِ الأيام. والظروفُ التاريخيةُ والاجتماعيةُ تُضاعِفُ من فرصةِ تَحَقُّقِ هذا الاحتمال. من هنا، فالشعارُ الأوليُّ الذي يُمكِنُ تبيانُه بشأنِ الظروفِ العَينِيّةِ المُعاشةِ هو: "إما الأزمةُ والفوضى المستمرتَين، أو العصرانية الديمقراطية". وأهمُّ درسٍ سيُستَخلَصُ من تجربةِ الاتحادِ الأوروبيّ، هو التِماسُ المجتمعِ الاقتصاديِّ حلقةَ انطلاقةٍ إصلاحيةِ جذرية. وبالمسافةِ التي ستُقطَعُ انطلاقاً من ذلك، ستَغدو الإنشاءاتُ الاجتماعيةُ والسياسيةُ الأخرى ممكنة. وإذ ما وَضَعنا نُصبَ العينِ أنّ الفولاذَ والفحمَ أداتان أساسيتان بِيَدِ الصناعوية، فسنستطيعُ الإدراكَ بنحوٍ أفضل مدى تناقُضِها مع المجتمعِ الأيكولوجيّ. وهذا هو السببُ البنيويُّ الذي يُعيقُ وصولَ الاتحادِ الأوروبيِّ إلى المجتمعِ الأيكولوجيّ. ذلك أنّ المجموعاتِ المُنشَأةَ على خلفيةِ الفولاذِ والفحمِ مُناهِضةٌ للأيكولوجيا. وهذا ما مفادُه أنّ إجراءَ الإصلاحِ في النظامِ لا يَكفي لوحدِه. هذا إنْ كان الهدفُ هو المجتمعُ الأيكولوجيُّ بالطبع!!
قد تَكُونُ فرصةُ التطورِ في الشرقِ الأوسطِ ممكنة، إذ ما أُلقِيَت خطوةٌ ملموسةٌ ومرحليةٌ بشأنِ العصرانيةِ الديمقراطيةِ اعتماداً على الظروفِ التاريخيةِ والاجتماعيةِ للمنطقة. ومُلاقاةُ استنساخاتِ الحداثةِ الصعوبةَ في الرسوخِ فيها خلالَ القرنَين الأخيرَين، إنما تؤيدُ صحةَ هذا الحُكم. وتُعَدُّ الأجواءُ الأيكولوجيةُ التي تَبرعَمَ فيها المجتمعُ النيوليتيُّ وأطروحتُه المضادةُ للمدنيةِ بمثابةِ حقلٍ للحضارةِ الديمقراطيةِ وعصرانيتِها. فأراضي المدنيةِ المركزيةِ المتصاعدةِ على طولِ خمسةِ آلافِ عامٍ في أوديةِ أَنهُرِ النيلِ ودجلة والفراتِ والبنجاب، هي مراكزُ الأزمةِ الإقليميةِ الراهنة. والدولُ القوميةُ المُشَيَّدةُ في غضونِ القرنَين الأخيرَين كأكثر دعاماتِ الحداثةِ الرأسماليةِ تَصَلُّباً وتَعَصُّباً، إنما هي مؤثرٌ أساسيٌّ في هذه الأزمة. ونظراً لافتقارِ هذه الدولِ للمهارةِ في الشروعِ بالإصلاحِ والحذوِ حذوَ الاتحادِ الأوروبيّ، فإنّ الأزمةَ والفواصلَ البَينيةَ للفوضى تتفاقمُ بانكساراتٍ حادة. وبالرغمِ من انعكافِ أمريكا – الاتحادِ الأوروبيِّ كهيمنةٍ للنظامِ المتحالفِ عليها، إلا أنّ المشقاتِ قائمةٌ في إيجادِ المَنفَذ، والعجزُ سائدٌ في إعادةِ إنشاءِ الدولةِ القومية. وهذا الوضعُ بِحَدِّ ذاتِه يُجَذِّرُ الأزمةَ العالميةَ ويُصَيِّرُها دائمةً من جهة، ويُبدي تأثُّراً معاكساً بإكثارِه من العربدةِ والفوضى العارمةِ من جهةٍ أخرى. بالتالي، لا ملاذَ من أزمةِ النظامِ البنيويةِ في الوطنِ الأمِّ للمدنيةِ المركزيةِ بالأغلب، وكأنها تَنتَقِمُ لذاتِها.
من المحالِ إنكار عيشِ حربٍ عالميةٍ ثالثةٍ خاصةٍ في حاضرِنا. وهذه الحربُ أعمقُ نطاقاً وأطولُ زمناً من الحربَين العالميتَين الأولى والثانية. إذ لا تتواجدُ ولا تتشكلُ الطاقةُ الكامنةُ للنظامِ في المنطقةِ لتحديثِ نفسِه. وما يجري هو الانحلالُ والتفسخُ والتبعثر. من هنا، فأقوى احتمالاتِ النفاذِ والخلاصِ تتجسدُ في تصييرِ العصرانيةِ الديمقراطيةِ نفسَها أطروحةً أولاً ثم توجُّهِها وتحامُلِها على النظامِ كأطروحةٍ مضادة؛ حيث أنها تَعمَلُ أساساً بموجبِ جميعِ التراكماتِ الثقافيةِ المقموعةِ في ظلِّ هذه الظروفِ في غضونِ الحقبةِ البادئةِ من تصاعدِ المدنيةِ السومريةِ كأطروحةٍ مضادةٍ للعصرِ النيوليتيّ، وصولاً إلى الحداثةِ الرأسماليةِ الراهنة.
دوامةُ الأطروحةِ – الأطروحةِ المضادةِ – الجَميعةِ مُلزَمةٌ بالبدءِ بالحِراكٍ ثانيةً ضمن التدفقِ المركزيِّ للتاريخ. وبشكلٍ ملموسٍ أكثر، ثمةَ حاجةٌ ماسةٌ مُجَدَّداً وأولاً لانطلاقةٍ كُلّيّاتيةٍ متكاملةٍ مرتكزةٍ إلى الثقافاتِ التي تشاطرَت وادِيا نَهرَي دجلة والفرات، والتي ظَلَّت تحيا كَكُلّيّاتيةٍ متكاملةٍ على مدارِ التاريخ. فالحقيقةُ التي لا تَحتَمِلُ الجَدَلَ هي أنّ الخطوطَ الزائفةَ المسماةَ اليوم بحدودِ الجمهورياتِ السوريةِ والعراقيةِ والتركية، هي إرثٌ مُتَبَقٍّ من الهيمنةِ الإنكليزيةِ والفرنسيةِ التي خَرَجت منتصرةً من الحربِ العالميةِ الأولى؛ وبالتالي أنّ تَجَزُّؤَ الثقافةِ التاريخيةِ الاجتماعيةِ تأسيساً على ذلك هو من ضروراتِ سياسةِ "فَرِّقْ – تَسُد" الجيوستراتيجية. لذا، يستحيلُ إنشاء الاتحاداتِ الثقافيةِ الثمينةِ في الهلالِ الخصيبِ التاريخيّ، ما لَم يُدرَكْ زيفُ هذه الحدودِ بعمقٍ وبكافةِ نتائجِه. والحماقةُ الكبرى هي الإيمانُ بقدسيةِ هذه الحدود (الأكثرُ لاقدسيةً هو رسومُ الهيمنةِ الغريبةِ الأنحَسُ حظاً)، والعجزُ عن التفكيرِ أو المبادرةِ بانطلاقةٍ ثقافيةٍ كُلّيّاتية. المَرامُ من الكُلّيّاتيةِ الثقافيةِ هو الثقافةُ الماديةُ والمعنويةُ المنسوجةُ حول القيمِ الديمقراطيةِ المفعمةِ بالمساواةِ والحرية. وهكذا ثقافةٌ ينبغي تفسيرَها وإنشاءَها بعقليةٍ قوميةٍ غيرِ قوموية، ودينيةٍ غيرِ دينَوية، ومجتمعيةٍ غيرِ جنسوية، وعلميةٍ غيرِ وضعية.
يُقَدِّمُ حوضا دجلة والفراتِ بما يَزيدُ عن الحدِّ ما يَلزَمُ من مياهٍ وطاقةٍ وأراضٍ لتلبيةِ المنتوجاتِ الزراعيةِ التي هي احتياجاتٌ أولية. إذ يستحيلُ تَطَوُّرُ المجتمعيةِ الأيكولوجيةِ والاقتصاديةِ للشرقِ الأوسط، ما لَم تُؤَمَّن هذه الموادُّ كفايةً. ولكن، يستحيلُ على هذه الموادِّ البنيويةِ أيضاً تَكوين المجتمعِ البنيويِّ بمفردِها، دون تَكَوُّنِ تراكُمٍ كافٍ من المعنى الذهنيّ. وبالتالي، فهي لَن تتخلصَ حينئذٍ من خدمةِ الحداثةِ الرأسماليةِ والانصهارِ في بوتقتِها، مثلما حالُ مجتمعاتِ الاشتراكيةِ المشيدة. لذا، قد يَكُونُ التنظيمُ الأكاديميُّ للتراكُمِ الناشئِ تاريخياً وفي الكفةِ الديمقراطيةِ للحداثةِ (العصرانية) على السواء، بدايةً سديدةً وقويمةً من أجلِ تراكُمِ المعنى الذهنيّ. ينبغي عدم النسيان أنّ الزقوراتِ السومريةَ، التي تُعَدُّ أولى الأكاديمياتِ تاريخياً، وبيوتَ الحكمةِ في نيبور وبابل ونصيبين وأورفا وبغداد، تعبيرٌ عن حقيقةِ استحالةِ كينونةِ المدنياتِ من دونِها. إذ لا يُمكِنُ للعصرانيةِ الديمقراطيةِ التطور بلا أكاديميات. فعالَمُ العلمِ والمعنى الجديدُ، الذي هو مُلزَمٌ بتنظيمِ ذاتِه كبديلٍ للعالَمِ الأكاديميِّ المتأزمِ للحداثةِ الرأسمالية، إنما لا استغناء عنه من أجلِ المجتمعِ الأيكولوجيِّ والاقتصاديّ. حيث أنّ خَلاصَ العلمِ من كونِه احتكاراً أيديولوجياً ومن استخدامِه كأداةٍ بِيَدِ السلطة، غيرُ ممكنٍ إلا بإنشاءِ المجتمعِ الحرِّ والديمقراطيِّ الذي تَعُمُّه المساواة (بِمَعِيّةِ الوعيِ واليقظة)، وبعيشِ ذلك بمنوالٍ متداخل. إذ لن تستطيعَ أيةُ مجموعةٍ أيكولوجيةٍ التحليَ بالمعنى القَيِّم، إلا بإنشائِها كوعيٍ وتنظيمٍ يتعدى نطاقَ الحداثةِ الرأسمالية. أي، محالٌ نشوءُ المجموعاتِ الأيكولوجيةِ والمجتمعِ الاقتصاديّ، دون نشوءِ الوعيِ والتنظيمِ والإرادةِ العمليةِ التي تتعدى الرأسماليةَ والصناعويةَ والدولتيةَ القومية. أما المفهومُ القائلُ بأنّ العلمَ والوعيَ شيء، والمجتمعَ شيءٌ آخَر مختلف؛ فهو من تحريفاتِ المدنية، ومرتبطٌ باستعبادِ المجتمع.
لا يُمكِنُ عيش المجتمعِ الحرِّ والديمقراطيِّ إلا بوعيِ المعنى اللازمِ له. وكلُّ مُكَوّنٍ أو وحدةٍ Birim اقتصادية، لا يُمكِنُ عيشها إلا بالوعيِ الأيكولوجيّ. والوحداتُ والحَيَواتُ الاقتصاديةُ غيرُ المعتمدةِ على الوعيِ الأيكولوجيّ، لن تَخلُصَ من العيشِ بالانصهارِ في بوتقةِ الحداثةِ الرأسمالية. هذا ويجب عدم التفكيرِ بالوحداتِ الأيكولوجيةِ – الاقتصاديةِ على أنها وحداتٌ بسيطةٌ ومفتقرةٌ للتكنولوجيا. إذ بالمقدورِ استخدام أرقى وأعقدِ أنواعِ التكنولوجيا في الوحداتِ والاتحاداتِ الأيكولوجيةِ – الاقتصادية، عندما تقتضي الحاجة. بل إنّ الوحداتِ الأيكولوجيةَ – الاقتصاديةَ هي وحداتُ التكنولوجيا المُثلى. وهي ميادينُ الاستخدامِ الاجتماعيِّ للتكنولوجيا بأكثرِ الأشكالِ فائدةً. فالثورةُ التكنولوجيةُ في المجتمعِ الشرقِ أوسطيِّ ضروريةٌ بالأكثر من أجلِ المجتمعِ الأيكولوجيِّ – الاقتصاديّ. وبهذا المعنى، فالثورةُ التكنولوجيةُ مناهِضةٌ للصناعوية. فبينما تؤدي التكنولوجيا المُسَخَّرةُ في خدمةِ الصناعويةِ إلى العبوديةِ والدمار، فالتكنولوجيا المُسَخَّرةُ في خدمةِ المجتمعِ الاقتصاديِّ والأيكولوجيِّ تُفضي إلى حياةٍ أكثر حريةً وديمقراطية. وباقتضاب، فأَثمَنُ معاني التوازنِ بين التكنولوجيا والأيكولوجيا، تُحَقِّقُها شروطُ العصرانيةِ الديمقراطية. ولأجلِ ذلك فالصراعُ الأيديولوجيُّ أمرٌ لا غنى عنه في الصراعِ بين الحداثةِ والعصرانية. ومن دونِ خوضِ هذا الصراعِ بنجاحٍ بارز، سوف تَظَلُّ فرصةُ العصرانيةِ الديمقراطيةِ في الحياةِ وثُبوتُها ورسوخُها تجاه الحداثةِ الرأسماليةِ مجردَ احتمالٍ ضعيفٍ وأملٍ واهنٍ ومحضَ يوتوبيا.
ما غَذّى المجتمعَ والثقافةَ الماديةَ والمعنويةَ في جغرافيا الشرقِ الأوسطِ ابتداءاً من العصرِ النيوليتيِّ وعلى طولِ عصورِ المدنيةِ برمتها، إنما هو حياةُ المجتمعِ الأيكولوجيِّ والاقتصاديّ. بينما قامت الرأسماليةُ والصناعويةُ والدولتيةُ القومية، والتي تُعتَبَرُ أحصنةَ الحداثةِ الرأسماليةِ الثلاثيةَ العَدّاءةَ صوب إقامةِ المحشر، بِدَهسِ هذه الثقافةِ الاجتماعيةِ والإخلالِ بها وطَعنِها بخنجرِ الغَدرِ وتَجزيئِها. مقابل ذلك، فالمَهَمَّةُ الأوليةُ التي يجب القيام بها هي نضالُ العصرانيةِ الديمقراطيةِ في الإنشاءِ بناءً على الدعاماتِ الثلاثيةِ التالية: الدعامة الديمقراطية – الاشتراكية، والأيكولوجية – الاقتصادية، والأخلاقية – السياسية.