النساء

المشكلات اليومية للفامينية وطرق الحل

تحرر المرأة من جميع تعريفات المدنية، سيتحقق عبر توعية المرأة...

من كتاب المرأة الحرة

تعد مرحلة الحداثة الرأسمالية من أكثر المراحل التي شهدت انتشار الفامينية بشكل سريع. فمن اجل تحقيق الانتشار الواسع تظهر الحاجة إلى الوعي والإمكانات، لكن كلما تبتعد الفامينية عن منبعها الأول في الظهور كلما زادت نقاط الضعف الموجودة فيها وسارعت إلى الظهور، فقد بقيت الفامينية وجها لوجه أمام خطر التحول إلى تيار للإيديولوجية البرجوازية. نستطيع القول هنا بأنه توجد بعض الأسباب التي تدعو إلى النظر إلى الفامينية على أنها مصطلح غربي، ألا وهي الفردية والذهنية الغربية التي صبغت الفامينية بطابعها ولونها الخاص. 

إن تعريف الحركة الفامينية الغربية للحرية وطرق الوصول إليها، وتحليلها الذهنية التسلطية الذكورية وبالتالي امتلاكها لطرق ووسائل النضال ضد الذهنية التسلطية، مختلفة عن رؤية وحياة الشرق، كما أنها تختلف عن أفكارهم ومشاعرهم. لذلك يتطلب استقبال الفارق الثقافي بين الغرب والشرق برحابة صدر، حيث تتأثر الحياة في الشرق بأفكار الدين، العشيرة، العائلة، الضغوطات المتعددة، لكن في الوقت نفسه إذا تم النظر إلى هذا الوضع على انه أمر خاص بالشرق فقط، فهذا يدل على عدم فهم توجيهات حرية المرأة،من هنا تظهر الحاجة إلى تخطي الأخطاء الموجودة، أي وضع التوجيه المشترك لتنظيم المرأة إلى الوسط بالرغم من الاختلافات الثقافية، و جعل أسلوب النضال مناسبا مع الثقافات، أي في الوقت الذي تنظر الفامينية إلى استبداد النظام الذكوري المتسلط على المرأة برحابة صدر، يجب عليها تحقيق التوجيهات والإرشادات بصدد المستقبل المشترك ضد الوضع العنصري الذي تعيشه فيه المرأة، حيث يعد هذا الأمر في غاية الأهمية.

لقد تم إضفاء الطابع اليساري على الفامينية، وذلك نتيجة النضال المشترك للحركة الفامينية مع الاشتراكيين في بعض المواضيع، إلا أن الحروب التي حصلت ضد الاشتراكية أدت إلى انشقاق الفامينية من ذلك الاتجاه اليساري.

بقدر ما أثرت سياسات العولمة على حركات الطبقة العاملة، أثرت كذلك على الفامينية التي تراجعت في التطور وزادت الهجمات ضدها، وجدت آراء الفامينية بعد سنوات 1968 فرصة الانتشار إلى مستوى معين، حيث هزت الحركات الفامينية في ذلك الوقت المؤسسات الدولتية الهرمية وطرحت العديد من علامات الاستفهام حولها، حيث عاشت بوضعها ذلك بشكل مجتمعي، لكن في الأوطان الشرقية التي تأثير الدين فيها قوي جدا، أصبحت تقربات النساء المدافعة عن العادات والتقاليد الموجودة سببا في تمركزها لموقع مضاد تجاه الفامينية.

 لقد كانت المجتمعية التي بدأت في سنة 1968 وحتى وصلت إلى سنوات الثمانينات ليبرالية. إن الحركة الفامينية التي اقتصرت في الانتشار بين الفئات المتسلطة والعليا وضمن إطار مؤسسة أكاديمية، بقيت منفعلة وسلبية، فالسبب الكامن وراء عجز الفامينية عن التحول إلى حركة اجتماعية هو أنها  بقيت مجزئة كثيرا، ولم تؤسس في جوهرها حرية المرأة حسب حقيقة المرحلة، وإنما احتلت موقعاً موازياً لنظام الرجل المتسلط، واعتبارا من ذلك التاريخ انزلقت نحو لغة السياسة التي دفعتها في التوجه نحو مركز النظام، وهنا بإمكاننا مشاهدة كيفية انفصال وابتعاد الحركات الفامينية عن المجتمعية، حيث ان التوقف على حقيقة المرأة بدون الرجوع إلى التاريخ والمجتمع، يدل على توجه ذلك النضال نحو أرضية دولتية، وهذا ما يجلب معه انصهار الإمكانات الثورية والمطالبة بالحرية للمرأة، لذلك يعد هذا الأمر بحد ذاته موضوعا يتطلب إبداء النضال ضده.

تسعى الحداثة الرأسمالية إلى جعل الحركات المناهضة للنظام منفعلة وسلبية، لذلك كان أمام الفامينية خياران إما البقاء خارج النضال أو التوحد مع النظام، حيث توحدت معها بعد ذلك، إن القوى الامبريالية  تجزئ المجتمع لتسهل عليها مهمة السيطرة على المجتمع، وإسقاط ظاهرة قوة المجتمع، في النهاية يبتعد الفرد عن حقيقة المجتمع، ويبقى ضمن إطار من الأنانية الفردية، وبالتالي يقوم بإضعاف الشبكات الاجتماعية، لذلك يقول القائد عبد الله أوجلان بصدد المشكلات اليومية للحركات الفامينية:" حتى لو وجدت الكثير من العوامل في محاولات الفامينية إلا أنها لم تستطع تخطي الديمقراطية الغربية المركز". لا يمكن القول بأن الفامينية تخطت أسلوب الحياة الذي أسسته الرأسمالية، والأكثر من ذلك أنها لم تستطع أن تفهم جيدا، وذلك الوضع يشبه بمفهوم الاشتراكية اللينينية، حيث لم تستطع اللينينية التخلص من الرأسمالية بالرغم من العديد من  المحاولات التي بذلت والنتائج الكبيرة التي تم تحقيقها ، لذلك من الممكن أن تصل الفامينية إلى النتيجة نفسها، وبسبب فقدان الفامينية للأساس التنظيمي القوي، يبقى مستوى تطوير فلسفتها، الصعوبات المتصلة بطليعة المرأة وادعاءاتها ضعيفة، وربما لاتستطيع حتى تحقيق الاشتراكية المشيدة لجبهة المرآة، لكن من ناحية إلقاء الضوء على المشكلة يجب النظر إليها وتقييمها كمرحلة جدية.

تتمزق الحركة الفامينية في يومنا الحاضر نتيجة أخطاء الانتشار، حيث توجد بعض التيارات الفامينية التي تعبر عن نفسها بشخصية أو اثنتين  في يومنا الحاضر، لان التيار الفاميني الذي حقق التحليلات القوية لم يستطع التخلص من مسالة التعبير في الشخصيات، فعندما تعلن كل امرأة في مقالة عن تيار بديل، فان هذا يمزق نضال المرأة ويعمل على نشر التخريبات فيها، لأنها لا تجعل ذلك أرضية تنظيمية قوية، ولاتصل بها إلى مستوى التوجيهات النضالية العملية، لذلك تتمزق، وبالتالي تقوي الرجل والنظام الذكوري، ففي جوهرها لم تستطيع تمييز المشكلة التي تميز جانب النقد وإثارة الأسئلة حول الحركات الاجتماعية التقدمية التي تطورها، كذلك لا تحقق هذا الأمر بأسلوب صحيح ومناسب، حيث يعتبر حل هذه المشكلة امرأ حياتيا في غاية الأهمية بالنسبة لتطوير الفامينية.

من جانب تتصاعد التعبيرات التي تقول" عالم بدون رجل، توعية المرأة، الأصالة البيولوجية أو الدولة الفامينية، لكن من الجانب الآخر تأتي أجوبة بعض التيارات الأخرى للمرآة على شكل" عيش الحياة حسب الذات ومع الرجل". إن أسلوب الحياة هذا الذي يختاره الفرد لنفسه، يتم تعريفه على انه تيار فاميني، وهذا ما يعزز التجزئة. هنا كيف إننا نذكر الصعوبات التي تواجه ريادة المرأة، كذلك نشير في الوقت نفسه إلى وضع التيارات الفامينية التي تركت لإنصاف الفردية، وبالتالي يعتبر هذا الوضع اختياراً للعيش في حياة بسيطة جدا وسهلة أكثر منه اختيارا لحياة حرة. أنها مسألة عدم الاستيعاب الجيد  لجذور مشكلة حرية المرأة، وهي الحياة العميقة للفردية، وبالتالي اختيار غلاف نظري لها.

 لا تعني فامينية كل شخصية، أنها  التعددية، لان التعددية تتضمن التكامل والوئام، لكن الذي يظهر هنا هو التجزئة والانقسام والاختلاف في الوحدة، وفي النتيجة تعجز الفامينية عن الوصول إلى تحقيق البديل عن النظام الذكوري الحاكم، فقد أصبح موضوع قدرة الحركة الفامينية على رؤية تلك المشكلات وإغلاق الأبواب أمام ظهورها موضوعا يدور حوله العديد من الشكوك والجدل.

بدون شك، بان التعددية في الأفكار مهمة للغاية، كما يعد إبداء الاحترام لها وحمايتها وتطويرها واحدة من العناصر الأساسية في حياة المرأة، كما أنها تعتبر مبدءا مهما من اجل الفامينية أيضا، لكن تتحقق حمايتها عندما يجد الفرد تعبيره في المجتمع والمجتمع في الفرد، لذلك سيحمل هذا المستوى الذي سيتحقق واستهداف حرية جميع أطياف المجتمع والسعي لتحقيق هذه الأهداف معاني أكثر عمقا.

تحمل التعددية قيما عظيمة عندما تخلق الإدارة الذاتية التي تخدم الهدف وتظهر التجديد، ووقتها تستطيع خدمة الوحدة، وهكذا ستستطيع الرؤى المستقبلية النظرية التحرر من خدمة سياسات التجزئة للنظام، ولان الجذور الفامينية تنبع من الغرب لم تستطع الطبقة الوسطى المدنية للمرأة تخطي الفئة المثقفة، وهذا ما يصبح عائقا أمام تقبل جميع النساء للحركات الفامينية، ومازالت تلك النكتة التي تقول بان امرأة برجوازية تناقش مع المرأة القروية حول الفامينية مثيرة للضحك، وهذا ما يثبت حقيقة تقوقع الحركة الفامينية ضمن فئة من النساء فقط، ولم تستطع الوصول إلى النساء المضطهدات، القرويات، المسجونات في البيوت الخ.

بهذا المعنى نرى بان الفامينية عبارة عن تنظيم خاص بالمجتمع المدني ومتمركز في المدن، حيث تتواجد هناك العديد من النساء اللواتي يرغبن الانشغال بأمر ما كالعمل في مؤسسة مثلا، وهذا ما يدفع العديد من النساء لعقد العلاقات مع الفامينية، من هنا نستدل بان العلاقات التي بنيت مع الفامينية لم تكن على أساس قوي وهادف، وبالتالي لن يكون صائبا ان ننتظر خروج ريادة قوية، وإلى جانب ذلك تستقطب الفامينية النساء اللواتي يكونون في منتصف العمر أو الكبيرات في السن، وهنا يجب طرح السؤال الذي يدور حول سبب عدم ميل النساء الشابات إلى الفامينية؟ لأنه لا تقدم إلى الفئة الشابة التوجيهات المناسبة في موضوع النضال التاريخي للمرأة، ولا يتم تدريبهن أو نشر التوعية بينهن، حيث لا تستقبل الفئة الشابة النضال الجنسي برحابة صدر، لذلك في الوقت الذي يجب على الشابات اختيار نمط حياتهن والعيش فيه في ذلك العمر، تستوعب ذلك الأمر بعدما تكبر في السن، لذلك تبدأ بالنضال في ذلك العمر، وهذا هو السبب الكامن وراء صب طاقات الشابات في خدمة النظام، وبالتالي إضعاف ديناميكية نضال المرأة.

يتطلب تحليل المسافة الفاصلة ما بين الظهور الأول للحركة الفامينية وبين ما قد وصلت إليه في يومنا الحاضر، فعندما ننظر إلى النتائج التي حققتها المرأة في العالم، التحليلات التي خرجت إلى الوسط، المستوى النظري الذي وصلت إليه، نرى بأنه لم يظهر نضال موحد ضد ذهنية الدولة الهيارشيية، الحاكمة، المتسلطة. لذلك إذا سارت الفامينية في الطريق نفسه، سنتساءل هل ياترى ستواجه الفامينية خطر الانتساب إلى دين معين؟ يعتبر جوهر هذا السؤال نقدا بحد ذاته، لذلك تظهر الحاجة إلى إجراء بعض التغيرات في هذا الموضوع،لأنه ذلك الثقل الذي يزرعه الدين في الإنسان، تثبيت صعوبة المراقبة الداخلية في لاشعور جنس المرأة، لا يوجد في الفامينية ذلك الوضع الذي يدير الناس خارج إراداتهم ورغباتهم.

تنادي بعض التيارات الفامينية الراديكالية "حياة بدون رجل"، لكن تضحك بعض التيارات الفامينية الأخرى من وراء الدانتيلات البنفسجية وتقول"لاحياة بدون الرجل". كذلك خرجت بعض النسوة اللواتي يطلقون على أنفسهم تسمية (الفامينية الحديثة)، وهذا ما يثبت عدم قدرة الفامينية التحول إلى دين، لأنها تتضمن بداخلها العديد من التناقضات، لكن الدين يجيب عن كل التناقضات بدون اللجوء إلى أية نقاشات، حيث يتقبل التناقضات بدون إثارة الأسئلة حولها، فالدين خالي من التناقضات، لذلك نحن لانتقبل أسلوبا خاليا من التناقضات كهذا، ولكن الذي يظهر من جانب الفامينية هو أن التناقضات لاتتحول إلى أسباب تبعث على التطور، حيث أن  الموجود في وضعها هو عبارة عن تشتت وتفرقة، عدم انشاء الوحدة، وهو عامل يعمل على إضعاف الثقة كما أن الفامينية لن يكون بمقدورها حتى عيش خطر الدين، حيث يوجد خطر أخر يحدق بالفامينية ألا وهو خطر التحول إلى مذهب للرأسمالية.

توضح التقربات التي تنظر إلى"تطوير توعية المرأة" نظرة متقدمة، بأنهم سيصلون إلى إيجاد الطريق المناسب إذا قاموا بعكس الذي أخرجه النظام الذكوري المتسلط، حيث يرددون عبارة"الدولة الفامينية"، ضمن إطار الحركات الفامينية، لذلك نستطيع القول بان هذا التقرب يشير إلى عدم تحليل الذهنية التسلطية وضعف التوعية اللازمة، كما يبدو جليا بان عدم تخطي توجيهات النضال ذات المركز المتسلط وميولها العملية سوف يقود ذلك إلى أخطاء تاريخية فادحة، حيث يجب استيعاب حقيقة إن الانقلاب على النظام لا يعني الخروج منه، لأنه إذا لم يتطور الانفصال عن النظام بشكل جيد، ولم يطبق في إطار جماعي وعلى أساس طبيعة الحصول على هوية النضال، سوف يتوحد في النهاية مع النظام المعادي له. فعندما لا يتم تخطي النظرة المتسلطة والهيارارشية يتوحد الفكر المعادي له معه في النهاية، لذلك يتطلب تحلي النظرية الفامينية بأساس قوي في الجوهر، وإلا ستتماثل مع أعدائها، وستتحلى بطباع المتسلطين، أي أن التشابه مع النظام المتسلط للرجل الذي أسس نظامه بشكل جيد، يعني زيادة قوة وحدة النظام وجعل المرأة أيضا تنضم إلى النظام.

لقد تم تخطي مفهوم النضال ضد النظام الذكوري في الحركات الفامنينة وخاصة لدى بعض الميول الراديكالية وظهرت التقربات ذات التعصب الجنسي، لكن الرجل يستخدم التعصب الجنسي منذ خمسة آلاف سنة، وتعد المرأة هي أكثر من تغضب وتعاني من هذه المشكلة، وبهذا الهدف ناضلت المرأة ضد تلك الذهنية، لذلك يعتبر تطوير ذهنية التعصب الجنسي من جانب المرأة وفرضه على المجتمع في يومنا الحاضر فعلا خاليا من أية قيمة من الناحية الإيديولوجية، لأنه تطور أول فعل إيديولوجي في الحياة التي تشكلت في إطار المرأة وكانت تستند إلى تعاون الجنسين مع بعضهما البعض، حيث تطورت المجتمعية بفضل شبكة المرأة الخلاقة، أما التعصب الجنسي فانه يمزق تلك الشبكة فهو لا يمت بأية صلة لحرية المرأة، فيجب معرفة حقيقة أن التعصب الجنسي لا يجلب معه الحرية، وإنما يجلب معه المفاهيم التسلطية وبالتالي ستتلقى الإنسانية ضربة قاسية، وبما لا يقبل الشك فيه بان هذا الوضع لو استمر بهذا المنوال سيجلب معه مخاطر جسيمة، فكيف أن الاشتراكية المشيدة لم تستطع التخلص من مركز السلطة بالرغم من جميع قيم النضال وتحقيق المكاسب وإبداء المقاومة المقدسة، وسيلان الدماء ومحاولات الملايين من الناس، حيث عاشت الاشتراكية المشيدة التشتت وليس هذا فحسب وإنما أصبحت السبب في زيادة عمر النظام الامبريالي، كذلك الأمر بالنسبة للفامينية التي قد تتعرض للمصير نفسه أو ربما تواجه نتائج أكثر سوءا، لذلك إذا كنا ندعي بان التاريخ لا يتجه في خط مستقيم، يتطلب علينا تجديد قيم الحرب على أساس حقيقة الانتصار والنضال مرة أخرى.

 لم يصبح التيار الفاميني نضالاً فعالا كليا، حيث يقول القائد بهذا الصدد "ربما لا تتحول التيارات الفامينية حتى إلى الاشتراكية المشيدة لجبهة المرأة أيضا" ففي البداية يجب على التيار الفاميني تحليل الحداثة الرأسمالية التي خرجت منها، والتحرر من أساليب الحياة التي ظهرت بين مخالب النظام، الحماية من النظام الذي يعتبر عدوا للمرأة، والبحث عن طريق الحل المناسب.

لقد اقترح القائد عبدالله أوجلان مصطلح الجنولوجي  jinolojî(علم المرأة) عوضا عن مصطلح الفامينية، وذلك من اجل التوقف بحرية على نضال حرية المرأة من الناحية الاجتماعية، كذلك الأمر بالنسبة للتوقف على علم الاجتماع الذي يتم إدارته تحت تسلط الرجل.  

يجب على الفامينية إظهار حقيقة عدم قدرة مفهوم المساواة للنظام على جلب الحرية للمرأة، وذلك في إطار قدرتها على التحلي بموقف أكثر راديكالية ضد النظام الذكوري وكذلك قدرتها على تخطي المشكلات اليومية، لان التماثل و الانفتاح تجاه استبداد     المدنية لايعتبر تطورا، كما انه إذا لم تستطع الفامينية تخطي المساواة الشكلية، ولم تصل إلى أفق جديد، ولم تظهر برنامج وتوجيهات جديدة، فإنها ستلعب وقتئذ دور القناع المفيد من اجل اضطهاد المرأة، لذلك يتطلب تطويرا عميقا للحرية من اجل التحرر من تلك الأقنعة، كذلك يجب إجراء الفعاليات والنشاطات النظرية الواسعة من اجل دمقرطة المرأة، وتقوية النضال الإيديولوجي، وبهذا الهدف تظهر الحاجة إلى تحويلها إلى نشاط تنظيمي، وفي النهاية تطبيق تلك النشاطات عبر العمليات الكبيرة، حيث تظهر الحاجة إلى إبداء المنتفضة الأخيرة(الفامينية) لتقربات عميقة ضد الاستبداد.

إن كلمة "الفامينية" اصطلاحا تعني الأنثوية وبالتالي تصبح الكلمة المعاكسة لها الذكورة، لذلك تظهر الحاجة إلى إعادة إطلاق المسميات لكي تستطيع التحرر من تلك الثنائية، فالقائد يطلق عليها جينولوجي (علم المرأة)، فارتباطا بحقيقة المرأة يجب عدم التوقف عند الظاهرة ضمن حدود الجنسية، وكما يجب رؤية المرأة من جميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذا سيكون اقرب إلى الحقيقة، أما بخصوص تحرر المرأة من جميع تعريفات المدنية، فانه يتحقق عبر توعية المرأة، وبالتالي ستستطيع توعية المرأة تمزيق كافة الأقنعة التي فرضت العلمية على الناس، فبدون وجود علم المرأة، لن يكون بالإمكان إضفاء المعنى الصحيح على تطوير علم تدريب الأطفال، عولمة الحياة الاقتصادية على احتلال المرأة التي كانت أول مدبرة اقتصادية، أو الانفصال عن المجتمع السياسي الذي كان متشكلا بثقافة الآلهة الأم وتوسيع علم السياسة على مقاعد الجامعات. إذا نظرنا من هذا الجانب، فان العملية الأولى التي يجب على جميع النساء وفي البداية الفامينية القيام بها  باسم حرية المرأة، هو تطوير علم المرأة وجعل جينولوجي أما للعلوم في العالم، لمواجهة ذلك العلم الذي تطور على قتل النساء واحتلال وسرقة قيم المرأة.