من تحليلات القيادة: الأدب الثوري...
أكاديمية عبد الله أوجلان للعلوم الاجتماعية
إن تحويل الحياة إلى ظاهرة فريدة وجعلها ملكاً للقومية والبشرية وهي في متناول يد الإنسان، وهذا كل ما نود تحقيقه وإنجاحه، أي تحويل الحياة إلى واقع قومي وإيصالها إلى التقدم الاجتماعي والثقافي الجذابة وخلق إمكانية العيش فيها، لا يمكن الوصول إلى أي الشيء إذا جعلت من نفسك مشكلة، فلا الشكوى ولا البكاء ولا خداع النفس كالأطفال يجدي نفعاً إذا لم تبد تقدماً معيناً أو قوة للحل، فقد أظهرنا مفهومنا للمسؤولية بحرص كبير وموقف تقدمي لآخر درجة، أنهم هكذا يقيمون الجهود التي نتذكرها فما زالوا يهدرون أكبر الدروس الحياتية والشجاعة التي منحناها لهم ويسلمون أنفسهم للعدو بكل سهولة، علماً أن المواقف التي أبدينها لم تكن تتطلب استخلاص نتائج كهذه في أي وقت من الأوقات.
إنها باتت مسألة تربية ليس إلا، فقد كتب أحد رفاقنا رسالة لعائلته وهو يقول فيها" لماذا لم تقوموا بتربيتي بشكل صحيح"، هذا صحيح، فهم يجعلوننا نعاني آلام طراز تربيتهم مثل ذلك العديم التربية، لهذا فإن جهودنا لم تكتسب إلا نتيجة محدودة ونقول عن هؤلاء" الأطفال المسنون".
ظاهرة التقزم التي نذكرها ليست حياة مناسبة، فالتقزم مرض في الثورة يصاب به الذين لا يستطيعون تحقيق التقدم الثوري في النضال السياسي، ويعاش هذا بشكل واسع على الفرد إن يعي كيف سيطور نفسه وبأي شكل، فالحياة بدون التطور الثوري العسكري والسياسي مستحيلة، وكل من لديه العزم في تربية نفسه فليذهب ويربي نفسه وليس هناك ضرورة لتحريفها وإفراغها بنيات ذاتية، لأنه لا يمكن تحقيق الشيء بهذا الشكل.
إن لم يكن الإنسان لائقاً أمام القيم الحزب أي عديم الاستقرار وغير جدي وهاو لا يعلم الحقائق، لا يمكنه السير في النهج الحزب أبدأ، لغة الحقائق لا تقبل الانحراف وهي جدية دائماً، في الأساس أردنا إنقاذ شخصية الكرد من لغة الافتراء، كما أرادنا إنقاذ شخصية الكرد من لغة الشخصية التي فقدت ارتباطاتها بالحقائق وباتت لغة ديماغوجية، وأبدينا اهتماماً كبيراً مرتبطاً بالقيم الأساسية وبناء علاقة بالحياة وخاصة الجوانب الاجتماعية والسياسية والعسكرية الأساسية فيها، ولغة الحقيقة وجدت أبسط تعبير لها في ظاهرة الخطابة والخطابة بحد ذاتها هي الفن.
بما أن الثورة الفن الجدي فالخطابة في الثورة مرغمة على أن تكون قوية ومتقنة، وفي الوقت نفسه المراحل الثورية هي مراحل الخطابة المؤثرة، فيقال" المشكلة الأساسية للثورة هي المجال السياسي"، أما السياسة فنصفها بالخطابة عند ظهور جميع الدول والتشكيلات السياسية القوية، يظهر الخطباء الأكفاء حتى أنها تبدأ مسابقة خطابية كبيرة في مثل هذه المراحل، فمثلاً عصر روما تماماً هو عصر خطابي وكذلك عصر اليونان القديمة يعتبر عصر الخطابة الكبيرة، هناك بلاغة وخطابة عربية عظيمة أثناء ولادة الإسلام، أينما نظرتم فانظروا تبدأ مراحل التكوين الفوقي والتحتي المهمة ومراحل الانطلاقة بخطابة قوية، فمثلاً حتى لغة القرآن هي مثال خطابة وبلاغة عظيمة فالآيات وتأدية الآذان تعتبر جميعها خطابة، كذلك عند إنشاء البرلمان التركي كيف يخطب مصطفى كمال! باختصار يتم تسيير العزم السياسي الأساسي المهم المرتبط مع الحياة عن قرب بخطابة قوية.
الإنسان الكردي كالأبكم سفي مجال الخطابة لا يتحدث وإن تحدث فإنه يتبع أسلوباً يسبب في يبتعد الإنسان عنه، ليس بإمكانه التحدث لا باللغة الكردية ولا العربية ولا التركية، دعك من لغة الخطابة حتى أنه لا يجيد التحدث باللهجة العادية، على سبيل المثال لغة تخاطب كوادر الحزب سواءً أكان في التنظيم أو في الأوامر والتعليمات، تعتبر ناقصة وتسبب الضرر كثيراً أسلوب خطابته متشتت ويجعل الإنسان يتهرب منه، بعيد عن بلوغ جوهر المسائل الخطابة هي أسلوب وعن طريقها يعبر عن نفسه، حتى لو أردتم التحدث بلسان العصافير أو التكلم بطلاقة كالبلابل إذا لم يكن هناك جوهر وقدرات فإن تأثيركن يبقى ضعيفاً.
من أجل الخطابة القوية يتطلب العزيمة والإيمان والجوهر، إن لم يتحقق ذلك فكيف لك أن تتحدث وكيف لك أن تصبح صاحب خطابة مؤثرة، فالشخصيات تعيش حالة تشتت وتفتقر إلى النظام والمعرفة ليس بمقدورهم التحدث، إنه لا يستعمل نمطاً سليماً للخطابة إلقاء درس كهذا على إنساننا يعني أن نجعله يتكلم جزئياً، وذلك بأن نبرد لسانه من اليمين واليسار لكي يصبح صاحب أسلوب في الكلام، بهذا الشكل يمكن أن يتحول إلى صاحب موقف ونمط معين على الرغم من أن الخطابة سلاح فعال، لكنهم يسيئون استخدامها في لا مبدئية وتعكير الأجواء بيننا، يتمتع البعض بلغة مغلقة ويمتلك البعض الخبرة في إبقاء الجملة ناقصة.
إنه يثرثر كثيراً لكنه لا يستطيع جمع كلامع في جملة مفيدة في الواقع أسلوبه في التعبير عن حقيقته يؤلم القلوب، حتى الآن لم أصبح شاهداً لأي خطابة قوية في اجتماع حزبي لدرجة إننا نحاول سحب الكلام من أفواه رفاقنا بالكماشة، توضح هذا بجلاء إنه ضعف مخيف وفي المنطق العسكري يتم إصدار التعليمات والأوامر بأسلوب وخطابة محكمة، بمقدورك عن طريق الخطابة أن تفرض على الآخرين أن يصغوا إليك ويحترموك، وتجعلهم يشعرون بوجود سلطة وإذا تطلب الخوف أو الجرأة فإنك تحققهما.
تمعنوا في النظر إليهم سيصبحون قادة أنهم كالجثة الهامدة، لا يتمكنون من إصدار الأوامر ففي الوقت الذي يتطلب منح الجرأة، إنهم يخلقون أجواء الخوف فبدلاً من أن يخيفه يتحامل عليه إلى درجة سحقه، كما أنه يعيش نواقص في مختلف النواحي وفي هذا المجال أيضاً مقصر ويستمر في ذلك.
لماذا يكون هكذا؟ بالطبع لأنه لم يبلغ شخصيته ولم يصبح صاحب خطابة مؤثرة، بعد أن ظلت شخصية الكرد دون شكل وفقدت ارتباطها بالحقائق وانجرت من الجوهر التي تعرضت للتغيير، في الواقع عندما نتمعن في مستوى كفاءاته السياسية والعسكرية إلى أية درجة متخلف، بنفس القدر انعكاسه الشكلي متخلف أيضاً في نفس الوقت، فلو نظرنا إلى صور مقاتلينا يتراءى لنا لأي درجة حالتهم متشرزمة، فمن ناحية أكمامه مهترئة ومعطفه في طرف آخر ياقته مطوية أزراره مخلوعة، باختصار، ليس له سلوك سليم في الحياة، حتى إنهم يتظاهرون بأن هذه مسائل شكلية بالإضافة إلى أنهم من نموذج الزعرانين، مع ذلك يعتقدون بأنهم أصحاب سلوك صحيح، كذلك يقومون بكتابة التقارير وتقاريرهم بحد ذاتها تعتبر تعذيباً كبيراً فبدلاً من كتابة فكرة سليمة في تقريره يقوم بكتابة الأمور التافهة بشكل متسلسل وبدون معنى، لماذا؟ لأنه لا توجد الحاكمية والمسؤولية في شخصه وحركاته وأسلوبه في الحياة يكتبها في التقرير بهذا الشكل، ما هو مسيطر هو التصرف كالقرويين البسطاء ومبدأه لا يتخطى مبادئ القرويين يعني هذا إن المقاتل في جيش التحرير الشعبي لا يمتلك شخصية وهوية، نستطيع القول بكل سهولة أنهم يعيشون حسب نمط القروي البسيط، فمثل هذه النماذج تمثل في نفس الوقت المثقفين الواثقين من أنفسهم، فحتى لو تكلموا كثيراً لكن ما هي إلا ثرثرة تفتقر إلى المحتوى فالعدمية الشكلية أصبحت مسيطرة على الوضع بأكمله.
جميع السياسيين المهمين ورجالات الدولة والشخصيات العسكرية دربوا أنفسهم على مدى سنوات على الأسلوب والخطابة وكيف يجب أن يصبحوا شخصية مؤثرة، تمتلك الدول والثورات المهمة خطباء مهمين للغاية، لهذا لا نرى أمثال هؤلاء بين الشعوب التي أصبحت ضحية للاستعمار وعاشت الانحطاط بشكل عام لأنها فقدت حقيقتها، لذلك لا يتحدث أي منهم بشكل سليم لماذا يخجل إنساننا عند التحدث؟ ويحمر وجهه؟ لأن حقيقته سلبت من بين يديه، فالذي لا يكون صاحب حقيقة على أي أساس سيتكلم وعلى ماذا؟ لأنه يفتقر إلى القوة.
من أجل الخطابة يتطلب الحوار، ومن أجل الحوار يجب أن يمتلك القدرة على إقامة الحوار، أي أن يمثل الحقيقة السليمة، فإذا قطعت علاقتك بالتاريخ وبالحقائق الاجتماعية والثقافية والعلم والسياسة، عندها ستبقى شخصاً ذا تأثير ضعيف.
مع العلم بأن اللغة السياسية والعسكرية هي لغة الأقوياء يبين شخصيته، أسلوبه وحواسه، على إنه صاحب سلطة ويتخذ منها أساساً له، فكل اللجان والقاعدة المركزية للحزب يتحدثون عن الضيق والوقوع في المأزق، مازالوا لم يتمكنوا بلوغ الشخصيات العسكرية والسياسية، بصدد هذا الموضوع لو ظهرت الشخصية العسكرية والسياسية والتنظيمية القوية ستتطور السلطةـ الحكم ولن يمهد الطريق أمام العراقيل، لكن هذه الشخصية تقضي على إمكانية وقدرة التطور، كذلك إمكانية تنظيم نفسها فهذه لغة ديماغوجية بسيطة وبعيدة عن الحقيقة، إنها لغة منغلقة على نفسها وهي لغة عندما يتكلم به لا يعرف ولا يفهم ما يقول، فهذا الشخص أسلوبه ووتيرة عمله والجو الذي يعيشه يدل على أنه يرغب بالسلطة، وعكس ذلك تماماً يتوقف ويقول" لا أستطيع العمل انهارت قدراتي أفتقد إلى طريق الحل أعيش المعاناة، ربما أموت في كل لحظة ولا أملك قوة إدامة الحياة كثيراً"، يجب تجاوز هذه المواقف يجب خوض النضال ضد التخلف بنفس الأسلوب والوتيرة والنمط، الشكل وإيضاحها ضد الاستعمار والرجعية بكافة أشكالها أيضاً، والذي لا يجهز نفسه وفق ذلك لن يمتلك فرصة بناء حياة سليمة وتطويرها.
كما يتوجب عليه أو يقول" أنا مرغم على أن أتصرف واقعياً بالمكان المناسب وبشكل كافٍ والتحدث والتعبير"، الجانب الآخر هو مخاطبة الملايين الذين يقبلون هذا كفن ولا يخطئون حتى في كلمة، وفي المواقف الصعبة، ولا يجوز التظاهر بالقول" لا يفهمونني، لم أستطع التعبير عن نفسي"، إذا لم يستطع الكادر الثوري حل هذه الجوانب في شخصيته والتفوه بجملتين مفيدتين، فأين هي الثورية؟ أزالت اللغة السائدة هي الأحباب جاويشي، وهي لغة الفتن والأحاديث غير الرسمية والفارغة والتي تشكل 90% من الحياة، إن هذا لن يكون لغة المناضلين لن تستمر حياة المناضل بهذا الشكل، فإن خاطبت شخصاً أو حتى مئة شخص فإنني استخدم نفس الأسلوب ولن أخرج من مجال الحقيقة السياسية الرئيسية، كما أجعل المواضيع السياسيةـ العسكرية والتنظيمية بأكملها غالبة ولن أخرج عن إطارها وسأجعل الجميع يلتفون حولي، هكذا يكون الكادر المحترف والإنسان المناضل، منذ سنين لم يستطع الإنسان الكردي الوصول إلى لغة سليمة، فحتى الأطفال اعتباراً من أعوام ما بين 7ـ 8 يتحدثون جيداً، هذا يعني أن هناك عدم الاهتمام والإهمال، الكادر السياسي مُنحت له مهمة العمل يجب إدارة ما يتطلب منه، بدلاً من هذا يفرض النواقص وكل أشكال الخصوصيات الضعيفة في شخصيته، ما فهمه من السياسة بأن يفرض نفسه كالطفل، حتى إنه لم يغير لهجته العامية وينتهي أمام الحقيقة السياسية للحزب والجيش التي هي بقدر علو الجبال، تناول الشكل والجوهر يتم بهذا الشكل، حتى ولو دامت لسنين أيضاً على الفرد أن يقوم بتربية نفسه، يتم البحث في الكمال وخاصة من ناحية الشكل، حتى في المدارس العسكرية بلا نواقص، بالطبع فقد منحوا الثقة على مدى مئات الأعوام للضابط التركي لما لديه من أسلوب وخطابة، فهو لا يتفوه بجمل ليست في مكانها والتي لا تتضمن السلطة والقدرة، أحاديثه ووتيرته ونمطه من البداية وحتى النهاية ذات حاكمية، أما لغة الكرد تشبه لغة kel oğlan ومغلقة، يعني أسلوب ونمط ووتيرة الإنسان الخاسر والبائس الذي لا يستطيع التحكم، إذا كان يرغب أن يصبح سياسياً وذا سلطة فهذه حقيقة، ولكن جميع التصرفات بعيدة عن ظاهرة التنظيم ولا يتخذ التعمق السياسي وتنظيم العلاقات أساساً له، يفتقر إلى الرغبات والعواطف ذات المحتوى السياسي ولا يعرف حتى لماذا يعيش، بالتالي يعيش حالة تشتت إرادي، لابد وأنه سيحدث تقرب عشوائي لأنه لم يتحلَّ بالنظام والانضباط، بسبب إهمال السنين عندما تمنح له مهمة أساسية فإنه يصبح قزماً أمام تلك المهمة، ولعدم إيصال نفسه إلى متطلباتها يدفع الضياع ثمن ذلك، لهذه الأسباب فالتدريب السياسي مهم جداً، السياسة كلمة تحتوي على التربية التسييس تأتي بمعنى فن التربية، تحولت فيما بعد تربية الشعب إلى تربية الإنسان السياسي، لكن الاختلاط في الواقع الكردي في أقصى حده، هناك كافة الأساليب الناقصة والأشكال السيئة يجب الحد منها وإنهاء هذا الأسلوب.
ستعيشون وتتحدثون سياسياً وستنعكسون سياسياً لكل الجهات، ستتحدثون عسكرياً وتنعكسون عسكرياً، لن تنتهي ارتباطاتكم بالقواعد والحقائق العسكرية في أي وقت، إن من الوظائف المهمة التي يتطلب جعلها بارزة، إن كان ممكناً هو الشكل الجسدي السليم والتعبير اللغوي له، لا يتم التلاعب والاستخفاف بالمهمات يتم السعي للقيام به بكل ما يملك من القوة، هناك اللغة والبدن لكن لم يتم استخدامهما وإعطاء شكل لهما، كل فرد بإمكانه أن يعمل بأقل النواقص تدريجياً، إما الإصرار في الخطأ والقول" إنني ولدت وكبرت هكذا ولن أصبح رجلاً"، ما هو إلا أمر يرغبه الاستعمار أن اللغة المنغلقة والتي منحها الاستعمار هي لغة الشخص المضطهد مع العلم إن هذا يعبر عن العيش مع الاستعمار بشكل غير مباشر، لكن لا يحق للثوري إحياء تأثيرات الاستعمار في وجوده ولغته.
إن استوعب كوادرنا كل ما ذكرناه فإنهم سيعيشون على شكل بداية جوهرية وذلك من خلال التعبير عنها وتحويلها إلى نمط وتعيينها كقاعدة للثورة والجانب الأجمل للفن الثوري وهو استخلاص النتيجة والتأثر بها.
الشخصية الجذابة والمستمرة هي الشخصية التي لها ارتباطات مع الحقائق الأساسية ومع اللغة، والشخصية التي قطعت صلاتها بالحقائق ما هي إلا ديماغوجية، ومهما تكلمت برقة إلا أنها شخصية ثرثارة، بإمكان اللغة أن تلعب دوراً بقدر ما تصغي للحقائق، لكن ستعثر على جمالية شكلها أيضاً بقدر الإمكان، هذا أمر لا مفر منه إن كان هناك رغبة بأن يصبح ذا تأثير فعَّال وسيبحث دائماً عن الجمال ابتداءً من حركات اليد حتى المسير ومن طراز النظر إلى كافة أشكال العلاقة، ولا يحق لأي ثوري الصراع مع ثوري آخر من أجل إرغامه أو استخدام أسلوب الضغط أو ما شابه ذلك، كل ثوري يسمو بعلاقاته ويجعل الحياة جميلة ويخلق إمكان العيش فيها، الذي يُسيء التصرف مع رفاقه وشعبه دائماً؛ لا بد أنه يعيش حالة ضعف كبيرة في الجوهر والشكل أيضاً، بالإضافة إلى أنه لم يكسب شيئاً بالجوهر، وإذا لم يعكسها إلى الظاهر يعني ذلك انه لم يطبقها عملياً، إن لم يعكسها على الشعب ـ يعني أنه يسير حافياًـ لن يكون بمقدوره التأثير على الشعب بأي شكل من الأشكال مطلقاً، فالثورة تتطلب دائماً شكلاً جميلاً لغة متينة وتأثيراً قوياً، للثوري وتيرته وقوة اتخاذ المسائل بعين الاعتبار، وللتعبير عن كل هذه الأمور يجب إنشاء علاقة قوية مع الحقائق، يمكن التطرق إلى دور الفن في الثورة بالارتباط مع ما تم ذكره، وبمقدورنا أيضاً إيضاح بعض الجوانب الأساسية المتعلقة بمجال التأثير الاجتماعي ضمن حدود ارتباطها بالثورة.
الآداب تحتوي على العديد من النواحي ابتداءً من الرواية إلى الشعر ومن الخاطرة إلى المقابلة، الآداب بحد ذاتها فن تدوين كتابي، أما الفن فإنه يتواجد في سعة المجالات الكثيرة، لكن مكانة الفن عند الإنسان والواقع الاجتماعي كبيرة جداً.
في الواقع إن عممنا الفن أكثر فهو عملية ونمط خلق الإنسان، والفن: هو تكوين فكرة والتشكيل الاجتماعي للإنسان على الطبيعة منذ العصور الأولى إلى يومنا الراهن، أي عمل قام به لأجل هذا يدخل ضمن مصطلح الفن، تقنية الإنتاج والفكر أيضاً تعتبر فن، وهو مرتبط لحد كبير بولادة الإنسان.
بدأ العلم بالدين والسحر أولاً ويعتبران فناً، تقنية الإنسان البدائي بسيطة جداً حتى ربما كان قطع غصن هو تقنية للصيد وهو أيضاً فن، لكن مع تطور المجتمع تتحول إلى فروع العلم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ويتضايق مجال الفن تدريجياً ويتشكل من ورائه مجالات الفن كالرسم والكتابات والنحت والصوت والموسيقى وما شابه ذلك.
تاريخ الفن يدرس المجتمعات بشكل أفضل بإمكانكم العثور على كل ما يتعلق بالفن في كتاب واحد، المطلوب للثورة هو الجانب الذي يكون فيه الفن أكثر تقدماً ومرتبطاً به، أي بأي قدر يكون واسع المجال وبأي درجة يلعب دور المفتاح؟ فالموسيقى الكردية التي أصغيت إليها مع الزمن جذبتني إلى القضية الوطنية وكان لها تأثير بارز جداً عليَّ، يعني هذا أن الموسيقى الجيدة جذبتني إلى الثورة وهي تملك قوة تأثير بهذه الدرجة، عندما نرى آثار الفن العظيمة فيما بعد وعندما نقرأ النحوت، معابد الفن المآزق والروايات المأثورة، نراها تؤثر فينا من الأعماق وتجرنا تدريجياً للبحث فيها لإبداع العواطف الجميلة وتدفعنا للوصول إلى هذا الهدف.
من الواضح جداً أن الذي لم يتطور عاطفياً لن يتطور من ناحية المفهوم أيضاً ولا يمكننا الانتظار لظهور شخصية فنية قوية من الذي تكون حياته ضيقة ضمن حدود اقتصادية ضعيفة جداً، مثل راعي ليس له عمل سوى رعاية الماشية، مثل عامل الأبنية الذي يعمل ليلاً ونهاراً ضمن عرقه ودمه لن يصبح صاحب عواطف قوية، لا يظهر الفنانين العظماء لدى الذين يحددون أنفسهم ضمن إنتاج ضيق.
لنفكر بأنفسنا كشعب لن يكون بإمكان شعب سخر نفسه لحياة بسيطة بهذا الشكل أن يصبح صاحب فن قوي ولن يكون بإمكانه بلوغ عملية ثورية ولا سياسية، لماذا؟ لان الشيء المهم بالنسبة له هو كسب قطعة من الخبز والحساء، هذه الأمور ضرورية بالنسبة للحياة ولكنه يبقى متخلفاً أيضاً، مهما كان فليكن يجب إخراج فنان من هذا الوضع الصعب وإيجاد لغة الفن لهذه الحياة الصعبة، لتهدئ تلك اللغة حياة آلام الكرد وليرسمه ويحدد موسيقى الحياة المأساوية هذه، بدون هذه الجوانب لا يمكن خلاص المجتمع من الأوضاع المادية الفظة والمنحطة لحد كبير، هنا الفن يبدأ بإنقاذ الحياة التي لا يمكن القبول بها وتطهيرها من الأزمات المتكونة فيها.
الفن هو الحل والنفس مقابل الاندثار والاختناق، إذا كان المستوى الفني متخلفاً جداً يرافقه مستوى اقتصادي اجتماعي متخلف في واقع مجتمعنا وتخريبات الاستعمار كبيرة لدرجة إنها قلبت كل شيء رأساً على عقب، لذلك البنية الفوقية تكاد تنتهي.
يوجد عندنا صوت ضعيف جداً تحيى الكردية في الغناء نوعاً ما وانتهت في كافة المجالات الأخرى، هذا يعني أن المستوى الفني يعبر عن المستوى الاجتماعي في الوقت نفسه، مع ذلك فهو دلالة وهوية ونداء للحياة، بإمكانها العيش كالعشب لكن ليست دلالة على حياة جيدة، يمكن القول أيضاً بأنه يعيش حياة جميلة في أوروبا أو بإمكانه أن يصبح فناناً بارعاً باسم الآخرين، ولكن هذا لا يأتي بمعنى أنه يعيش من أجل الواقع القومي الكردي، المهم هل يعبر عن الحقائق الاجتماعية والتاريخية له أم لا، وهل له صلات بهده الحقائق أم لا؟ إذا كانت كذلك بإمكانه الإدعاء بأنه يعيش، لديه أجرة لكن يقبضها من مَنْ؟ يقول" إنني فنان جيد" ولكن من أجل مَنْ؟ له صلات بأية حقائق اجتماعية وتاريخية؟ إنه يعيش كالعشب لكنه يقول" أنا أيضاً كردي" أو "تركي"، ليس لهذا أي معنى، يعمل كالبهائم ليس إلا، لا يتم إظهار الهوية بهذا الشكل، وليس من الممكن وضع كل أنواع ديماغوجيته وشوفينيته مكان إثبات الهوية، يعني أنك مرغم على معرفة كيفية الارتباط بالقيم الأساسية الحقيقية لتصبح ذا هوية، يمكن للحقيقة الإيديولوجية، السياسية والثورية أن تصبح هوية، الفن من أجل هذه الأمور يعني أنه نداء امتلك هويتك وأساس علاقاتك مع الحقائق.
عكس ذلك لن يكون فناً وإنما ديماغوجية وانحراف وتخلف باسم الفن، يوجد للفن خاصية تعطي روح الأحياء في المجتمع وخاصة لدى الفرد، ربما بمقدور الإنسان أن يعيش بدون اقتصاد ولكن لا يمكنه العيش بدون أرض وروح.
حتى لو أظهرنا عمل الفن إيديولوجياً، لأي درجة اهتم الإنسان بالفن، سيزيد من عمره ويشبع نفسه أكثر، كذلك بالنسبة لرجال العلم والسحر والشعوذة ورجال الدين لأية درجة يسخر الإنسان الفن فإنه سينجح بنفس الدرجة، للسياسة والعلم علاقة بالفن، وهذا ساري المفعول بالنسبة لهم أيضاً، فبأي قدر منح الإنسان نفسه في هذا المجال سيكون بذلك القدر مؤثراً وناجحاً، الفن يعني الروح الخلاقة، انه الفكرة، إن انفصلت المجتمعات عن الفن يعني إنها انفصلت عن الروح والهوية وما يتبقى مجموعة من أناس عديمي الفائدة، الجانب الذي يتطلب منا التطرق إليه أكثر من الفن، هو الآداب ومحاولاتنا لتشكيل العلاقة معه، حتى العسكرية بحد ذاتها هي فن، بلا شك للآداب علاقة وثيقة بالعلم كذلك بالسياسة ولكن جوانبها الفنية مسيطرة أكثر.
من المعلوم، أنه تم ارتكاب إبادة كبيرة بحق الأدب أيضاً من قبل الاستعمار، أي أن تأثيرات الاستعمار على الناحية الأدبية كبيرة جداً، تم استغلال القيم أيضاً في هذه الناحية، حتى انه تم استخدام كافة الأساليب في الأدب وفق ما يريده الاستعمار ويستخدمه بشكل مضاد في كردستان، أن بحثنا في الأدب التركي، فهناك مسألة استغلالنا كأداة في تكوين الأدب التركي، هذا الوضع نفسه موجود في الموسيقى أيضاً، خاصة انه تم استغلال الرواية والشعر كأداة لهم، وهما يشكلان الحجر الأساسي في الأدب على الإطلاق، لكنها اتخذت الشكل التركي وطبعت عليها وصمة تركية.
في الواقع، الحقيقة الكردية قريبة من أدب الثورة، لو أنشئ أدب الثورة ستصبح هذه قوة عظيمة تجاه الاستعمار، ولكي يتخذ الاستعمار تدبيره تجاه هذاـ علماً إن الثورة بحاجة لهذه الحقيقةـ ينهب القيم الكردية ويصهرها في بوتقته، محرضاً بعضهم على البعض ويلقي بالبعض الآخر في السجن ويخلق لديهم الخوف ويقدم للبعض منهم الإمكانات وبالتالي يربطهم بنفسه، أما هذا فإنه يجلب معه النظر إلى القيم الكردية بسفالة، ومن جانب آخر بقدر ما يحثهم على ذلك فإنه يزيدهم تخلفاً.
النتيجة، هي انصهار جمهور أدب عظيم بهذا الشكل، يشن الاستعمار به الحرب ضد قيمه الوطنية، انتبهوا، تكاد تستند كافة الأغاني التركية إلى الحقيقة الكردية ولكن الآن تستخدم كالكونترا تماماً ضد ظاهرة الكرد، عند النظر إلى المغنين يتضح الوضع بشكل أفضل فهذا ساري المفعول في أمريكا أيضاً، إن الذين انصهروا وتم استغلالهم يشكلون الأقلية في العديد من الأوطان، بدلاً من أن يعملوا على حل قضايا ومآسي شعبهم، يوصلون الأمور لدرجة يُسْتَخدمون فيها كسلاح الهجوم ضد واقع المضطهدين، خلق هذا في واقع كردستان أيضاً بشكل ملموس جداً، في الوقت الذي يحارب العدو بجنوده وشرطته وجيشه من جانب، ومن جانب آخر يشن بقوى الثورة المضادة ويقذف عن طريق الكونترا القنابل الأدبية على كردستان، في الواقع هذا مؤلم ومأساوي، على الرغم من أنهم خرجوا من بين شعبهم ويلقبون أنفسهم بالشعبية، فتمهيد الطريق أمام إفساد الهوية أخطر بكثير من ارتكاب الجرائم، فجرهم لشعبنا إلى الموت المعنوي وجرحه خطر لا يمكن استصغاره أبداً.
عدم التحدث باللغة الكردية يعني الابتعاد عن الجوهر أكثر من القيام بالأدب، الانفصال عن الواقع الكردي ليس بمستوى المعلومات بل يشكل أكبر خطر لإحياء الإنكار في الجوهر أو واستخدام بعض الكلمات المناهضة والذي يتخذ الانصهار والانحلال الأبدي والذي يرى الإفساد الأبدي كأمر طبيعي والشخصية الممتلئة بهذه الذهنية أساساً له، والخطر الأكبر هو عدم الإحساس بعذاب الوجدان أو عدم رؤية لا عدالة الموجودة حتى إن كان الإحساس بها هو عدم القيام بعمل أي شيء، ربما يمهد هذا الطريق أمام نتائج خطرة أكثر من خطر عناصر الشرطة والوحدات الخاصة، لأنه إن استعبدت روح الإنسان وتعرضت لهويته يأتي بمعنى أنك ضربته الضربة المميتة، تتواجد هذه الأوضاع عندنا أيضاً وهناك رغبة في تجاوزها من خلال الشعر، السينما، الرسم، الرواية والموسيقى وما شابه، ولا يتم هذا إلا بما تفرضه ثورتنا وإلا فإننا على علم أن الذين خسروا في الساحة الوطنية سيخسرون في المجال الاجتماعي أيضاً، التعبير عن النواقص يكاد يصبح من أعمال الأدب والفن، من المهم جداً الكشف عن قاتل حقيقة شعبه وتاريخه ووطنه عن طريق الفن الذي تم تصفيته من قبل الفن بحد ذاته، واهم وظيفة للأدب هي إظهار نتائج انقطاع مجتمع عن لغته ومقوماته، ولإظهار ذلك لا يتطلب بالضرورة أن تكون ثورياً، أقول للذين يدعون" أرغب أن أكون أديباً من دون الارتباط بتنظيم أو حزب"، إذا أرادوا البقاء كأدباء بدون تنظيم أو حزب حينها يتطلب منهم الكشف أولا عن المجازر التي طبقت على الروح والعاطفة والهوية والأرض وما شابه ذلك، لا يجوز إظهار هذه الحقيقة بكلمة أو كلمتين والتستر عليها، بل يجب وضع هذه الحقيقة أمام العيان بكل فروعها بجعل الإنسان أديباً صادقاً، مع الأسف لا يوجد أديب جوهري في هذا الموضوع وليس هناك أديب كردستاني أو تركي كشف عن مجزرة حقيقية أو التخريبية التي طبقت على الشعب، في الأساس لا يمكنكم العثور على شخصية تدعي “إنني أديب كردستاني”، نسبة كبيرة من الأدب التركي قد تم جمعه من هنا وهناك، وما يقوم به عبارة عن ابتلاع الإيديولوجيات الرسمية عن طريق الفن، ويسعون لتعظيم نمط الحياة الكمالية أو الدولة من خلال الشعر، والأمر المسيطر على الرواية بأكملها هو نمط الحياة الرسمية للجمهورية، طبعاً تم تنفيذ هذا أيضاً بالمجازر المرتكبة بحق الشعوب ونهب جهودها تماماً، وبالتالي الفن والأدب اللذان لم يتجاوزا الحدود الرسمية المتشكلة هما في الواقع اكبر ضربة للشعوب وهذا منتشر على نطاق واسع في تركيا.
ليس من الممكن الذكر أن هناك أديب كردستاني في الوقت الحاضر بهذا الشكل، ربما يكون هناك من يرغب إدراك وإحساس ما يتطلب، لكن دعك من وصفهم بالأدباء والفنانين، فهناك حاجة ماسة لفن جوهري كبير لكسب هؤلاء، فهم عديمو التربية للفن، والأدباء الجيدون يتطلب أولاً تربيتهم وتعرفهم على حقيقة وهوية الشعب وحربه تدريجياً ليتمكنوا من رؤية الواقع التاريخي لهذا الشعب وبذلك يأخذوا قسطاً من التربية بعض الشيء، وبهذا الشكل تم التربية فقط، وإذا ركز العقل على القيم سيجد الفرد تربيته وتكتسب الروح نوعاً من الحيوية، حينها يمكن التحامل على بعض الحقائق وإظهار بعض خصوصيات الأديب.
يستحيل أن يتحول جاهل كبير إلى أديب، ولا يمكن لشخص فقد حقيقته أن يصبح أديباً وطنياً جيداً ولا أديباً اجتماعياً، ولن يؤخذ مأخذ الجد في أي قول يذكره.
يشترط في هويته الوطنية والاجتماعية والفنية السند التاريخي، كما يتطلب اتخاذ التكوين الاجتماعي بعين الاعتبار، بما أن هذه الشروط غير موجودة، إذاً يجب البحث عن الفئات الاجتماعية الوطنية، عندما يصبح واقع كردستان الملموسة، موضوع نقاش يظهر إنكار أكبر، ذكرنا بأن الثورة هي لغة الحل لتجاوز هذا، فبدون فتح الطريق أمام تطور ثوري جيد وكسر اللهوية والخمول، ليس من الممكن رعاية الإنسان المؤدب ولا خلق أديب من عديمي الأدب، وبالتالي إن اتخذنا الأسلوب الثوري أساساً لنا كحل أساسي للتطور الأدبي يكون صحيحاً، كان البعض يقول" لنتوجه إلى الثورة من خلال الآداب والفن"، ربما كان له تأثير ضعيف جداً ولكن الآداب في واقع كردستان منتهية وبدون تأثير، لدرجة أنه لم يكن ممكناً إحياء القضية الوطنية عن طريق الآداب والفن، حتى انه كان من المحتمل حدوث نتائج معاكسة، في الحقيقة تشكلت ذهنية بعض التيارات بهذا الشكل في السوفييت، كذلك كان هناك العديد من التنظيمات والأحزاب والمجموعات التي تبين آراءها على شكل" قضية الكرد هي قضية ثقافية" لكنهم لم ينقذوا أنفسهم من كونهم مجموعة ثقافية نظرية منحرفة، ربما أرادوا حل القضية باستخدام لغة الآداب والفن، لكن نرى بكل وضوح أن هذا ليس ممكناً، ممارستنا أثبتت هذا الأمر بشكل كبير جداً، عدا ذلك فالأدب لوحده لا يستطيع أن يكون مؤثراً، إنما بإمكانه ان يكون نداءً فقط، علماً أن الآداب أيضاً بحاجة إلى التطور وحتى الإنقاذ، تهدف الثورة أولاً كسب الإنسان الذي خُنق وسُلب من هويته ولغته وروحه، حتى الذي يكاد يسلب جسده منه، الإنسان الذي يحارب هو الناجح، الإنسان المحارب صاحب جهد ويقول" أنني أرغب أن أحيا"، حينها يتذكر الإنسان قبول ومعنى وكيفية الحياة، هذه الجوانب تؤدي بالإنسان إلى ممارسة الآداب وإلا كيف سيصبح أديباً دون أن يحرك ساكناً، او يفتح فمه أدبياً؟ طبعاً هنا لا أقصد الأدباء الذين كافأهم العدو بالتحريض لأنهم بلابل للعدو وحامو إيديولوجيته الرسمية، بإمكانهم أن يصبحوا أدباء معادين، حتى أنهم لا يصبحون أدباء، لأن الأديب لا يهدر الحقائق أو أنه اجتماعي باعتبار أن ذلك دوره، مهما تظاهروا فإنهم ديماغوجيون ومضادون للثورة ليس إلا، كما أنهم فاشيون وشوفينيون، لن نقول عن أمثال هؤلاء بأنهم أدباء، بالتالي كسب الإنسان بالثورة أولاً وأمّن حيويته وخلق أرضية أدبية قوية تدريجياً.
ثورتنا خلقت وسطاً أدبياً كبيراً في هذا الشأن، إنها حقيقة لا جدال عليها، فالإنسان الذي يرى ويعيش والموكل بالمهمة موجود عندنا، لا بد أن الأفراد الذين يمكثون في السجون والجبال، هم أرضية الآداب، فالشخصية التي تنشغل بالنظرية وبظاهرة القوة بهذه الدرجة هي التي أظهرت إمكانات أدبية عظيمة ، الآداب هي جعل الحياة جميلة فكراً وروحاً وثراءً، نرى بأن بلوغ هذه الجوانب، إنما تمت أيضاً من خلال الثورة، في الوقت الذي يكون الأدب هكذا في مستواه التعريفي، لا شك أنه هناك أسئلة مأثورة أكثر، ماذا يمكن القيام به أكثر من خلال بعض أشكال الآداب؟ حتى أية أدوار يمكن للفن لعبها من أجل ثورتنا؟
لقد أحيينا الموسيقى نوعاً ما واستهدفنا تحطيم جدار الإنكار الرسمي، وقد وجدت الموسيقى الكردية مجالاً صغيراً لها، وهي بمثابة الخطوة الأولى، كما إنه اخترق الحظر على الكتابة بالكردية، وتم خلق المجالات المنشغلة بشأن الموسيقى والرسم والهياكل وهيأت الأرضية لذلك، لكن الساحة تفتقر إلى من يسيرها وهناك إنكار في هذا الموضوع لدرجة أن الذين ينشغلون بها قليلون جداً أو غير موجودين، حتى لو تم الشعور بها لا توجد المهارة، لماذا؟ لأنه عديم التربية، هذا العمل يتطلب الوعي التاريخي والجرأة، وحتى يكون لديه الجرأة أيضاً يلزم رؤية الأبعاد الاجتماعية المأساوية للمجتمع ومجازره وإنكاره، كذلك رؤية انبعاثه من جديد، وهنا يوجد اقتراب عديم الاهتمام مثل عقل الإوز، هكذا يدون ويرسم القول الرسمي واللغة الرسمية إذا تحدث دون تربية وجاهزية لأنه تم تعليم هذه الأمور في المدارس التركية، ليس لديه علم بحقيقة الشعوب كثيراً، الأمر الحقيقي هو ما يفرض في حقيقة الثورة لكن الشخصية غير جاهزة لها، إذا كان الثوار الأساسين الذين في المقدمة غير جاهزين كيف سيقوم الأديب بالتحضير؟ يتطلب منه العمل بالعقل ويكون له جرأة بقدر ما لدى الثوري لكي يقوم بالتحضير، هذه بعض من المشاكل الموجودة في المجال الأدبي، بإمكاننا تطوير المساعد للثورة من خلال الآداب.