شهادة الرفيق حقي هي بمثابة الفراغ الذي يتركه عدم وجود ساعدٍ في الجسد  

 

وقَّعَ الرفيق حقي قرار الثوري المتواضع بداية مرحلةٍ تاريخية بروحه ودمه وعرقه في عنتاب...

دلزار ديلوك

اخذ الرفيق حقي قرار الذي هو من مؤسسي ومكوني عُرّْف حزب العمال الكردستاني PKK  مكانه في قلوب الآلاف من الثوريات الثوريين الكردستانيين. هو شاب تركي الأصل. القوة الأساسية الدافعة التي أدت بنا للانضمام للثورة في بدايات تعرفنا على الثورة هو إيماننا بأن روح الرفيق حقي قرار التحررية التي كانت تعكس على وسط الشبيبة آنذاك ستحيا وتتجسد في الحياة. أشعل في قلبه أولى   شرارات تأسيس وتنظيم الحزب في الوقت الذي لم تكن فيه الحركة في مرحلة التنظيم بعد أو لم يكن هناك بعد تنظيم باسم PKK، فحول هذه الشرارات إلى نار تضيء كافة أرجاء كردستان. قام الرفيق حقي قرار بتسيير الفعاليات النضالية في مدن كردستان وتوصل إلى النتيجة المطلوبة في أقصر وقت من الزمن. الرفيق حقي قرار بخلقه للأوقات التي لا يمكن نسيانها في أقصر مدة، هو حقيقةُ  مُسطَّرة في تاريخ الثورة في أكثر مراحله صفاءً ومعنىً. أقول الرفيق حقي لأنه لو كان الرفيق حقي يعيش الآن، لكنا سنشعر بروحه الجليلة التي خلقها ونحذو حذوه في كافة الأزمنة كأكثر أبعاد الثورة نقاءً وحيوية. إنني أقيم وجود هذا الحس والشعور كصلة وصل فيما بيني وبين الثورة.

ولد الرفيق حقي قرار عام 1950 في البحر الأسود ناحية أوردو – أولباي. قرأ الابتدائية والإعدادية والثانوية في ناحية أولباي التي ولد فيها. ولدى ذهابه إلى جامعة أنقرة المعهد الفني تأثر مثل العديد من الشباب القادمين من البحر الأسود بالحركة الثورية وبيَّن نهج حياته على أساسه. في هذه المرحلة تعرف على القائد وكمال بير الذي هو أيضاً مثله من البحر الأسود. الفترة التي عقبتها ستكون بداية الفترة التي ستخفق القلوب فيها معاً لأجل ثورة كردستان وتركيا. وضع ماهية الثورة الكردستانية وعلاقتها بالثورة التركية للعيان، القيام ببدء النشاطات بتكوين مستواها النظري والتطبيقي، إلى جانب عدم تحديد هذه النشاطات بمجلة أو اتحاد أو ناديٍ فقط، بل توسيعها وتوجيهها لتوعية المجتمع وتنويره يضع الاختلاف والفرق الذي يتميز به هؤلاء الرفاق للعيان. الحقيقة التي جعلت الرفيق حقي يصبح روح القائد آبو الخفية هو عُرفُ PKK الذي صنعه لنا والذي يسعى كافة كوادر وكادرات الحركة التحررية للوصول إليه. نُسِجَ هذا العُرف بالجهد، وبالحقيقة الاشتراكية التي تلتقي وتتوحد مع جوهر الإنسان، وبالمعاني التي ستضفي على عمر الإنسان السائر في هذا الطريق. ما يروى عنه وجانبه الكادح الذي يخلق من العدم، ويعرف معنى القيم، وطراز حياته وعلاقاته التي توحد فيما بين رفاق الدرب و رفاقية الهدف، أصبحت حقيقة معاشة ومتجسدة في مركز و مضمون نقدنا الذاتي، وقوة توجهنا بمقاييسها نحو التحرر.

قام الرفيق حقي قرار ضمن بمهمة المنسق في التعليم العالي الثوري في أنقرة عام 1973. لقد كان مثال التواضع للثوريين الترك والكرد. أخذ مكانه ضمن النشاطات التي قام بابتدائها مع الثوريين الكردستانيين. أصبح من المطبقين الأوائل لقرار العودة إلى الوطن الذي اتخذ في اجتماع ديكمان التاريخي المتحقق عام 1976. لم ينسى الرفيق حقي قرار الذي ناضل ومارس النشاطات ضمن الشعب الكردي وبالأخص ضمن الفئة الكادحة في مدينة باطمان أولاً ومدينة عنتاب فيما بعد، لم ينسى من قبل سكان تلك المدن فيما بعد رغم مرور العشرات من السنين. أصبح الرفيق حقي قرار من خلال مواقفه، حبه للإنسان واحترامه، عدم التربع على كدح أي إنسان آخر، عدم قبوله لوضع أي قيمة للشعب تحت تصرفه رغم كافة مسؤولياته الثورية، عيشه للزمن بكل معانيه وإدراك روح الزمن وعدم صرفه، إلى جانب العديد من جوانبه الإيجابية الأخرى أصبح حقيقةُ ومثالُ ثورةٍ معاشة وخالدة. فإن نظرنا إلى المستوى الذي وصلت إليه الثورة اليوم  فإننا سنرى ما حققه الرفيق حقي بنضاله ومواقفه وما قطعه من خلالهما من مسافة. بقدر جوانبنا التي كبرت وتوسعت وتطورت فإننا نعرف بأننا مدينون للرفاق الأوائل أمثال الرفيق حقي قرار الذين يمثلون حجرات أو خلايا الجذر الأولى لثورة كردستان، وبالتالي يجب النضال لأجل عدم فقدان وإضاعة جوهرنا الأول.

مثلما أخذ الرفيق حقي قرار بنضاله مكاناً في أفئدة الشعب الكردي في تلك الفترة، فإن نضاله زرع الخوف في أذهان وعقول العدو والتنظيمات العميلة له أيضاً.  فقد رأته هذه التنظيمات العميلة خطراً يهدد حياتها لذا فإنها قامت من خلال مؤامرة دنيئة بقتل الرفيق حقي قرار بتاريخ 18 أيار 1977 في عنتاب.

بينت قيادتنا بعد هذه الحادثة ما يلي: " هزتنا هذه الحادثة حتى النخاع، لذا قرارنا أن نخطو الخطوة نحو التحزب". وقامت بهذه التقييمات بشأن الرفيق حقي قرار " مثلما قام الرفيق حقي قرار بحمل سريره على ظهره وترك الجامعة في السنة الأخيرة اعتباراً من اللحظة التي أدرك ووعى حقيقة الثورة الكردستانية، فإنه لم يتردد للتوجه إلى وطننا الذي لم يكن يعرفه أبداً ولو للحظة. لم تكن الأيام التي قام بها بالعمل كحمّال عندما لم يكن يبقى لديه قرش من المال ليستطيع ممارسة النضال بقليلة أبداً. لا ينسى الذين يعرفونه عن قرب بأنه كان يلبس أعتق الألبسة ويعيش لشهور طوال على طعام الغداء فقط والذي كان يتألف من وجبة فطور بسيطة لا غير. لقد كان مصدر الإلهام لما حوله في اجتياز كل العوائق والسلبيات. لا يميز من معه كيف يمر الزمن والوقت أبداً. فالجميع كانوا يتسابقون للعيش والنضال معه".

لقد وقع الرفيق حقي قرار الثوري المتواضع والمتميز بالثقافة الثورية والأخلاق الاشتراكية والإصرار النضالي بداية مرحلة تاريخية بروحه ودمه وعرقه في عنتاب التي تمثل أحدى أبواب كردستان المنفتحة على تركيا.

تحيا هذه الشخصيات العظيمة التي أصحبت ملكاً للتاريخ اليوم ضمن ثورة كردستان بدأت تتحول وتشمل تركيا عموماً. فإن كان الشعب التركي وشخصياته الرائدة تتحرك معنا وتبذل الجهود لأجل التحرر مع الشعب الكردي وتحاول معنا للتعبير عن الثورة لمجتمعاتها، فإن ذلك يعود إلى الجهود والتضحيات التي بذلها الرفاق أمثال حقي قرار وكمال بير.

 لذا علينا التقرب بحسب ثقل هذه التضحيات ومعناها التاريخ العميق وبمسؤولية تاريخية. فهو شرط لا غنى عنه لتحقيق كل ثوري كردستاني لإتوبيا الاشتراكية وعدم خيانتها. وعلى هذا الأساس وبهذه المناسبة ننحني مرة أخرى أمام ذكرى شهداء شهر أيار الأبرار وفي مقدمتهم الرفيق حقي قرار والرباعي، ونعد بأننا سنسير على خطاهم الأبية وسنرفع راية النضال حتى النصر.