سما يوجه فتاة آغري الأصيلة الحرة

للمعرفةِ دافعٌ ومحفزٌ واحدٌ لا غير، وهو إضفاءُ المعاني على الحياة...

روجدا سيفرك

"تاريخ PKK هو تاريخ مسطر بدماء الشهداء الأباسل والأبطال الذين ضحوا بأرواحهم النبيلة في سبيل أحياء التاريخ الحقيقي اللائق بجوهر الإنسانية. إننا نعرف العديد من الأماكن المقدسة كالمعابد والمساجد والكعب في التاريخ. ونعرف بأن هناك إما آلهة أو إلهات يتم تقديسهم أو تقديسهن ضمن هذه المعابد في أيام معينة تناسب مكانتهم، وذلك لتخليد ذكراهم والسجد لهم وطلب الرحمان والعفو والغفران منهم. يتوجب عليكم الانحناء والسجود تخليداً لعظمة وبسالة هؤلاء الشهداء تماماً مثلما يسجد المؤمن في تلك المعابد. عليكم اعتناق دين وإيمان كهذا من الآن وصاعداً. لأنهم بالفعل كبار يستحقون التبجيل، فهم قيمُنا التي حاذت درجة التقديس والقداسة".

تاريخ الشعوب مليء بالأبطال. لن يتوان الأبطال أن تطلب الأمر بالقيام بتفجير القنابل بأبدانهم أو حتى إضرام النيران بأبدانهم وهم أحياء في سبيل انتصار دعواهم التي يناضلون لأجلها. فما هي هذه سوى صرخات المناضلين من أجل الحياة كإنسان...

النضال هو من أجل أن تصبح وردة ضمن الأشواك، أن تحب الوردة وتولد معها ...

للتعرف على الحياة، لإعطاء المعنى لما نحياه، ولإضفاء المعاني على كل ثانية نتنفس فيها للحياة ...

المحبين للحياة إلى حد الموت في سبيلها، الراغبين في أن يكونوا أصحاب لحياة ذو معنى، الراغبين في أن يصبحوا تلاميذ الشهداء أمثال مظلوم دوغان كاوا العصري، هم الناجحون في تسطير أسماءهم ضمن صفحات التاريخ الذهبية عبر ارتباطهم وحبهم وجسارتهم وإرادتهم الفذة.

الذين ولدوا ضمن اللحظة، عرفوا كيف يعيشوا بحسب ما تتطلبه اللحظة.  

" تلد التطورات التاريخية الأبطال التاريخيين. وبدورهم فإن هؤلاء الأبطال التاريخيين يقومون بإكساب هذه التطورات التاريخية السرعة، ويجسدون من خلال شخصياتهم التي تلعب دوراً تنويرياً إنارة المجتمع مثلما يبرق البرق في الظلام. والتاريخ الإنساني مليء بمثل هذه الأمثلة الضاربة لهذه الحقيقة التاريخية الديالكتيكية الأساسية. لقد أصبح هؤلاء الأبطال القائمين بتوجيه مسار التاريخ رمزاً بالنسبة للشعب أو الطبقة أو الجنس العائدين إليهم فقط، بل أن نجاحهم في أن يصبحوا رموزاً نبلاء للإنسانية بالنسبة التي استطاعوا فيها التأثير بخدمتهم على تطوير الإنسانية أيضاً حقيقة بكل معنى الكلمة. أما الحقيقة الأخرى الملفتة للنظر فهي أن قوتهم في التحول إلى رمزٍ للشعوب تأتي من وقفتهم الطموحة، وعنفوانهم وحيويتهم في الحياة، ونظرتهم الإيديولوجية– السياسية الصائبة الموجهة للحياة، وتضحياتهم ومقاوماتهم الباسلة".  

"للمعرفةِ دافعٌ ومحفزٌ واحدٌ لا غير، وهو إضفاءُ المعاني على الحياة التي نحن متشبثون بها أشد تَشَبُّث".   

" حقيقة سما تعني؛ الجمال، العشق والهوية الحرة. تعني المرأة المناضلة التي لم تستسلم للرجل، والحياة المعدومة من العشق.

سما يوجى؛ هي المرأة المحاربة التي قامت بعملية فدائية بإضرام النار ببدنها الملتهب بالحرية في ليلة نوروز الواقعة في 21 آذار، ضد الشخصية اللعينة الخانعة والذليلة التي تقوم بالعمالة من أجل العدو. استشهدت في 17 حزيران بعد مرحلة مقاومة باسلة. يمكننا التعبير بأن سما من خلال عمليتها الباسلة التي يجب علينا جميعنا استنتاج أعظم الدروس والعبر منها، غسلت ذاتها بالنار بملء إرادتها للتمييز فيما بين سيئاتها وحسناتها، قوتها وضعفها". 

النساء سيصبحن شرارات نيران الكرد المترمدة

ترتجف يداي وهي ترغب في كتابة عمليتك المقدامة باسم خلق الحياة من جديد. ويخفق قلبي هيجاناً وهو يرغب في الوصول إلى عمق معناها. لا تتوقف كل خلية من خلايا جسدي عن المحاسبة والمحاكمة أمام عظمة عمليتك.

في الحقيقة هذه الحكاية تحمل بين ثناياها قصصنا جميعاً. هي حكاية الإنسان السائر نحو الجوهر الإنساني. هذه الحكاية هي حكاية الراغبين في أن يصبحوا "وروداً ضمن الأشواك".

بينت سما يوجه في الوقت الذي أرادت فيه التوحد مع الشمس قائلة " أدركت حقيقة ما معنى وصول النضال إلى هذا المستوى ونتيجة لاتساع رقعة التنظيم في ساحتنا انه من المستحيل أن يكون لامرأة ساعية على تحقيق التحرر أن تستمد معنوياتها من مصدرين يعتبران كخيارين للحياة، كما يستحيل وجود شمسين في قبة السماء. ففي الردهات التي كنت اسطر فيها هذه الكلمات، شعرت وكأنني اجتزت كافة العقبات واتضح لي أكثر من أي وقت إن القائد آبو هو المصدر الوحيد الذي أنهل منه المعنويات والحياة".

كما وتعبر سما يوجه عن مستوى التعمق والمحاسبة التي خلقتها في ذاتها بالكلمات التالية:" نعم رفاقي لقد نجح وغلب شعبنا الموت، وأنا تغلبت على الموت في ذاتي" سوف أحضن الشمس إلى ما لا نهاية في صباح فجر يوم من خلال جناحين أصنعهما لنفسي لأواجه الموت والقوة المهدمة لكافة أنواع الضعف البشري. فإن استطعت النجاح في رفرفة جناحاي، سأكون حينها قد سددت ولو قليلاً ديني للإنسانية وشعبي وذاتي. ستكون هذه المقاومة، هي أثمن ميراث وأجمل ذكرى أتركها ورائي".    

ولدت اليوم

في الواحد من نيسان عام 1991 قبل 730 يوماً تماماً

استنشقت أول نفس لي في أمد على أبراج باب ماردين

قالوا بأن القابلة التي أولدتني اسمها ذكية

كانت تفوح شبراً شبراً برائحة مملكتي

الثدي المحروق

لكي لا تجتر أمي المخاضات والآلام

كانت قد أشعلت ناراً كبيرةً ببدنها". 

فتاة آغري الأصيلة التي ولدت من صرخة النار

ولدت سما يوجه في أغري عام 1971. ترعرعت ضمن عائلة وطنية محافظة على تقاليدها الكردية، تعيش تحت تأثير الإقطاعية الدينية بشكل عام. يلعب جدها الذي يملك معرفة عميقة بخصوص الدين والتاريخ دوراً كبيراً في تكوين شخصية سما يوجه. بحيث تتعرف و تتعلم من جدها على تاريخ الكرد وكردستان. يخاطبها عمها بليلى قاسم وهي مازالت صغيرة كما لو كان يرى ما ستمثله في المستقبل. أثرت فيها ملاحم مم وزين، خجه وسيامند التي تحمل مكانة هامة ضمن التاريخ الكردي. تتمتع دائماً بوقفة لا يمكن لها البقاء ضمن القوالب التي وضعتها لها العائلة بل على العكس من ذلك فقط كانت دائماً صاحبة وقفة متميزة تجتاز المقاييس المحددة لها. كانت سما يوجه تقاسم أطفال قريتها الفقراء ملابسها التي كانت تشتريها لها عائلتها. إذ أنها تداوم هذه الميزة التي عُرفت بها منذ الصغر ضمن النضال أيضاً. نشأت كذكر ضمن البيت. فإن أباها كان يبقى على الأغلب خارج المنزل من أجل العمل. ولهذا السبب فقد كانت سما تتمتع بمكانة مختلفة ضمن المنزل. ومنه فإنها بشكل طبيعي لم تواجه الضغوطات التي يفرضها المجتمع على المرأة. 

تعبر أمها وهي تتحدث في حوار مجرى معها عن سما يوجه بهذه الكلمات: " لدي ستة أولاد، أربعة بنات وصبان، وسما هي طفلتي الثلاثة. لم تكن تحب الأمور السيئة. فقد كانت سما فتاة عاقلة ذكية، تفكر بعمق، تحب الأفكار الحسنة والجميلة، تحب الوحدة والأخوة والعلاقات التي تكسوها الصداقة والمحبة، تحب مساعدة جيرانها وتحضن الأناس الضعفاء وتحميهم. بحيث كانت تقوم مطلقاً بتلبية احتياجات رفاقها في المدرسة عند اللزوم".    

أيام المدرسة. 

تنهي دراستها الابتدائية والإعدادية في أغري. أن التناقض الذي تعيشه سما في المدرسة هو النظرة الدونية التي ينظر بها أطفال البيروقراطيين والضابط القادمين إلى أغري إلى الأكراد. بحيث تباشر بتنظيم كل الطلاب الموجودين من حولها ضد هؤلاء الناس الشوفينين. ويمكننا القول من خلال موقفها هذا بأنها كانت تتمتع بإمكانية القدرة على تنظيم كل من حولها. بحيث كانت تنعكس هذه الخصوصية دائماً على علاقاتها مع رفاقها حتى بعد أن انضمت إلى الحركة التحررية.

تأتي إلى أنقرة بعد أن استطاعت النجاح في الدخول إلى قسم السوسيولوجية- ODTÜ في عام 1989. تحدث تغييرات كبيرة في حياتها بدخولها إلى الجامعة. فهي تتعرف على حركة التحرر الكردية في هذه السنوات. كما أنها تتعرف على الثقافة الإمبريالية أيضاً. أن الحياة الجامعية كانت مختلفة تماماً عن الحياة التي كانت تعيشها في سنواتها الماضية. لذا فإن التلاؤم مع الحياة في مثل هذه الأجواء كانت صعبة للغاية بالنسبة لفتاة كردية نشأت وترعرعت في أغري. أما تعرفها على حركة التحرر الكردية فقد كان بالنسبة لها بداية حياة جديدة.

وتعبر أم سما عن هذه الفترة (سنوات سما الجامعية)بما يلي:" لقد دخلت سما الجامعة عام 1989. كانت تبقى في المدينة الجامعية في الأشهر الأولى من الجامعة. إن تعرفها بشكل فعال على حركة التحرر الكردية يبدأ في نفس الوقت التي انتسبت فيها إلى الجامعة. ولهذا السبب فإن بقاءها ضمن المدينة الجامعية كان يعيق ممارسة نضالها. فطلبت منا على أثر ذلك بأن ننتقل للسكن في أنقرة. ولأجله أتينا إلى أنقرة، واستأجرنا بيتاً هناك. بحيث بقيت سما معنا في ذلك البيت. لقد كانت علاقتها معنا حارة كما كانت في أغري في الفترات الأولى، إلا أن علاقاتها معنا أصبحت رسمية فيما بعد. لم نفهم المسألة في بداية الأمر، بحيث فكرنا بهذا الشكل" هي التي أرادت أن ننتقل للسكن في أنقرا لنقيم معاً إلا أنها هي نفسها لم تعد تأتي إلى البيت إلا نادراً، إذاً لما قامت باستدعائنا للإقامة هنا". ولكن عندما بدأت بإهمال دراستها أيضا فيما بعد أدركنا بأنها تستعد للانضمام إلى نضال حركة التحرر الكردية. كنا نرغب بأن تنهي دراستها على الأقل. أما هي فقد بدأت في العمل في جريدة الوطن الجديد. فقد خلق تركها لدراستها في ذاتي رد فعل عاطفي. لذلك فقد تركت سما على أثر رد فعلي هذا العمل في الجريدة. إلا أنها بعد فترة جد وجيزة بدأت مرة أخرى في العمل ضمن الجريدة. وكانت تقول بأنها تحضر للامتحانات من جديد لتكسب خاطري في هذه الفترة. وعلى ما أعتقد أنها تركت الجامعة في الصف الثاني". 

"ذكية ألكان هي التي قطعت حبلي السري"

مارست سما يوجه الفعاليات ضمن تنظيم الشبيبة الوطني. تتأثر بالعملية التي قامت بها ذكية ألكان في تلك الفترة بشكل جد عميق. بحيث يتم نقل ذكية ألكان بعد قيامها بعمليتها لأجل المعالجة إلى جامعة حجي تبة. تقوم سما بزيارة ذكية ألكان في المستشفى وتسهر على حرستها. يتم القيام في تلك الفترة بتنظيم عملية لذكرى ذكية ألكان. فإن سما هي أحدى القائمات بتنظيم وريادة هذه العملية. تجهد لفهم واستيعاب العملية التي قامت بها ذكية ألكان. بحيث تضع نهاية للنقاشات التي كانت تعيشها في داخلها فيما بعد هذه العملية. وتعطي القرار بممارسة العمل الثوري قائلة: " ذكية ألكان قطعت حبلي السري" معبرة بذلك عن مدى التأثير الذي خلقته عملية ذكية ألكان في شخصيتها. فقد قالت سما في وصيتها لرفاقها قبل أن تقوم بعمليتها هذه الكلمات: " رشوا القليل من تراب قبري على قبر ذكية ألكان". وهذا ما يدل على رغبة سما بقيامها بعمليتها فيما بعد عملية ذكية ألكان في أن تصبح أردل عابدات المقاومة. 

تنضم إلى حركة التحرر الكردية

تنضم سما يوجه إلى صفوف الكريلا في أيالة ماردين عام 1991. أخذت اسم ليلى قاسم الذي كان عمها يناديها بها منذ الصغر ضمن الكريلا. قامت بترجيح اسم ليلى لأنها كانت صاحبة إدعاء وإصرار بأن تمثل ليلى الكردية ضمن النضال التحرري للمرأة الكردية.

التناقض الذي عاشته سما يوجه كامرأة كان الجانب الهام والمؤثر في انضمامها لحركة التحرر الكردية. واجهت كامرأة قضايا ومصاعب متعددة ضمن المجتمع في تلك الفترة. بحيث ميزت من خلال القضايا التي عاشتها بأن ظروف الحياة التي تعيش فيها المرأة محدودة للغاية وأنه لا يتم النظر إلى المرأة كإنسانة. وترى بأن الحل الذي يقدمه النظام مقابل القضايا التي تعاني منها المرأة ما هو إلا في حقيقة الأمر عبودية بالنسبة للمرأة. لذلك تقرر الانضمام إلى حركة التحرر الكردية. أن قيامها بشكل دائم بتحليل حقيقة المرأة والقضايا التي تعاني منها ضمن النضال تصبح سبباً لأجل تقدمها وتطورها ضمن الحركة.

تنتقل على أساس تعليمات القائد أبو إلى أكاديمية معصوم قورقماز في شهر تشرين الثاني لعام 1991. تظهر بوقفتها الواثقة من نفسها مستوى انضمامٍ جد عالي وقوي في ديار الحرية. وقامت بجسارة عالية بحماية ما آمنت ووثقت به في ديار الحرية كما كانت عليه في الساحات الأخرى.

تذهب إلى أيالة سرحد فيما بعد أيار عام 92. تكلف بمهمة تسيير الفعاليات المدنية في أغري. يوجهها القائد أبو عند مجيئها إلى ساحة الوطن قائلاً:" بأن تحمي ذاتها وتعرف ذاتها وأن لا تكون لقمة سائغة لأحد..." وفي نهاية 92 تقع أسيرة في يد العدو نتيجة خيانة يتم عيشها في ساحة سرحد.

تبقى سما يوجه لمدة سنة في سجن " نفشهير،Nevşehir ". ومن ثم تنفى إلى سجن "جناقلة،  Çanakkale" بتاريخ 21تشرين الثاني 1993. تعتبر هذه الفترة بالنسبة لسما يوجه فترة التعرف على ذاتها واجتياز ذاتها كامرأة. بحيث تبين وتعبر سما يوجه عن مستوى الصراع الذي عاشته ضمن رسالتها كما يلي:" يتراءى لي من خلال شخصيتي الآن وكأن المجتمع الكردي والتناقضات القائمة بين طبقاتها قد بلغت نقطتها الأخيرة في شخصية امرأة. أؤكد على هذه النقطة بناء على النتائج التي استنتجتها من جراء تحليل شخصيتي. ولا أكون قد بالغت أن قلت بأنني اشعر وأحس بمستوى التناقضات القائمة في شخصيتي، وكأنها تناقضات آلاف السنين، لا ريب في أن ذلك يدل على مستوى اجتيازي لنفسي".

وتشير رفيقاتها اللاتي بقين معها في نفس المرحلة ضمن السجن إلى أن " سما لم تقبل بأن تكون سطحية مهمشة أبداً في يوم من الأيام ضمن حياتها. بالطبع لا يعني هذا بأنها كانت تريد أن ترى ذاتها مغايرة ومتميزة عن الجميع. بل أنها كانت تعني بالسطحية، هو استسلام المرأة لجوانبها الكلاسيكية العبودية. لذلك فهي لم تقبل لذاتها تلك الحياة الرخيصة وبذلك نضالاً مريراً لمواجهة المفاهيم والتقربات الخاطئة القائمة على فرض الخنوع و الاستسلام لهذه الحياة الرخيصة. وكما تبين هي بنفسها بأنها لم تراوح في مكانها أبداً. فقط ارتكبت العديد من الأخطاء والنواقص أثناء النضال، ونالت على أثر ذلك انتقادات كثيرة، إلا أنها وبسبب أحياءها لطموح المرأة الحرة لم يستطع أي شيء من إيقافها عن مسيرتها النضالية. بل على العكس تماماً، كانت تحقق قفزة نوعية بعد كل فترة صعبة تمر بها. إذ أنها تبين بشكل مكثف في نقاشاتها بشأن تقييم عملها النضالي خلال العشر سنوات مع دخولها عام 98 "بأنه قد مرّ على انضمامها إلى صفوف حركة التحرير الكردية عشرة سنين، وإنه قد حان الأوان لكي تحقق تطوراً وقفزة نوعية جديرة قوية. وحققت قفزتها القوية في ليلة نوروز التي تربط يوم 21 آذار بيوم 22 آذار بتحولها إلى نوروز ووصلت بذلك إلى النقطة الأخيرة التي يمكن للمرأة الحرة الوصول إليها في مسيرتها.

القائد أبو كان بالنسبة لها المنبع الأساسي الكبير في مسيرتها هذه. بحيث تقول لرفيقة تزوروها في المستشفى قبل استشهادها بفترة قصيرة: " سلمي لي على قيادة الحزب أن رأيته كثير السلام، وبلغي احتراماتي إليه، وقولي بأنني سأكون لائقة وسأقاوم حتى آخر نفس في جسدي". لقد كانت جهودها بلا هوادة بالفعل بالنسبة لموضوع تجسيد وتطبيق خط القيادة. فأن ارتباطها بالقيادة والقيام من أجل فهم فلسفتها هو موضوع سمو وعلو يتطلب تناوله والوقوف عليه بشكل مطلق. وما تعريفها "بتلميذة القائد" سوى نتيجةً لتعمقها وجهودها الحثيثة من أجل فهم القيادة.

على الرغم من المشاكل التي كانت تعاني منها من الناحية الصحية فإنها لم تقم برؤية هذه المشاكل كعقبة أمام المهام والمسؤوليات الهامة التي ألقاها الحزب على عاتقها ضمن السجن. كانت تتقرب للمهام بدرجة القداسة مهما كانت الظروف. إذ أن جهودها ومساعيها الأساسية كانت تتمحور حول كيفية تطوير وتمثيل إرادة المرأة الحرة. ورأت ذاتها مسؤولة بشكل دائم عن كيفية خلق الأرضية " لثورية المرأة". فتوجت بعمليتها الفذة إصرارها وعنفوانها هذا.

سما يوجه من خلال مشعلة نوروز التي أشعلتها ببدنها في 21 آذار، التقت مع مشعلة نوروز ذكية ألكان ورمز المرأة الحرة زيلان في 17 حزيران. سطرت سما يوجه ملاحم المقاومة بسؤالها وهي ترفع أصابعها عالياً بعد قيامها بعمليتها في نوروز عام 98 بدقيقة واحدة " هفال، ذراعي تشبهان جناحاي عصفور، أليس كذلك ؟". 

أتمنى لو أنه كان لدي عشرة أطفال آخرون يسيرون على خطى سما

بينت أم سما يوجه فخرها واعتزازها بالعملية التي قامت بها ابنتها بالكلمات التالية:" لقد سمعت بالعملية التي قامت بها سما عبر التلفاز(Med TV). فلو كانت رفيقة أخرى هي القائمة بمثل هذه العملية في تلك اللحظة لكنت بينت عصياني وألمي بأعلى صوت لدي. ربما كنت سأحزن كثيراً. إلا أنني بالفعل عندما سمعت بالعملية التي قامت بها سما شعرت بالفخر والعزة. لأنها قامت بتحقيق المهمة التي تقع على عاتقها مقابل الثورة والشعب. ولهذا السبب فإنني كأم مرفوعة الرأس وشامخة بها. فقد سطرت اسمها بتحولها إلى نوروز ضمن التاريخ الكردي. أنني لن أقول لما قامت سما بعمليتها هذه. لأنه لم تبقى أية كلمة يمكن قولها للأرواح الفدائية الباسلة. وأتمنى لو أنه كان لدي عشرة أطفال آخرون يسيرون على خطى سما. فإن العملية التي قامت بها سما تأمرنا؛ بالارتباط بالوطن وترابه أكثر من ذي قبل. سنقاوم مع شعبنا حتى آخر نقطة من دمائنا ضمن الوطن الذي أشعلت سما نار الحرية بذاتها فداء له. وباسم أفراد العائلة كافة؛ أحي عملية سما المنددة للإرهاب والحرب القذرة التي يفرضها النظام المستبد على شعبنا. أن العملية التي قامت بها سما وفكري الذين حولوا ذواتهم إلى مشاعل نوروزية مدتنا بالقوة ".

حققت خيالات طفولتها.

تعبر سما يوجه عن الخيالات التي كانت تتخيلها في طفولتها في نقاش بخصوص قضية المرأة بهذا الشكل:" كنت أرغب بأن أكون مثل ليلى خالد وليلى قاسم اللاتي كان يتم التحدث عنهن بشكل دائم. وكنت أتخيل وأحلم بأنني أقوم بإلقاء الخطاب أمام الملايين من الناس". حققت سما بعمليتها جميع خيالات طفولتها.

كانت مرتبطة بالقائد أبو كامرأة سائرة على طريق الحرية، إلا أنها رأت بأن الارتباط وحده ليس كافياً. حققت عمليتها برغبتها في أن تكون واحدة من بين الآلاف من الشهيدات أمثال ذكية ألكان، والمتابعة لسلسلة العمليات التي وصلت إلى ذروتها مع زيلان آلهة العشق والحرية. كانت تعي بأنه لا يمكن خلق العشق الحقيقي في هذه الأراضي المقدسة من دون إعطاء البدائل. فقد عاشت سما في كل الأوقات الأمل في الوصول إلى العشق الحقيقي بتحويل ذاتها إلى لهيب من النار ضد سياسات النظام التي تعمل على تحويل المرأة إلى سلعة تبضع ضمن الأسواق. فإن عملية سما مهمة من أجل إظهار إرادة المرأة الكردية للعيان. فهي تعبر عن ارتباطها الواضح والأكيد للقائد أبو من خلال الرسالة التي كتبتها بعد أن قررت بالقيام بالعملية. والعبارات التالية تعبر عن مدى هذا الإصرار والوضوح في القيام بعمليتها:" أود إمداد ذهني وقلبي وجسدي كجسرٍ ناري ليوثق صلة الوصل ما بين الثامن من آذار والواحد والعشرين من الشهر نفسه، ولكي احمل وسام الشرف ارغب في أن أكون تلميذة جيدة للرفيق مظلوم دوغان( كاوا العصر)، وجميع الشهداء الآخرين الذين أضرموا النار بأجسادهم من أمثال ذكية ورهشان اللتان أصبحتا نوروزاً. كما أود السير بعزم وإصرار على اثر الرفاق الآخرين الذين أضحوا مشاعل منيرة في النوروز مثل بيريفان وروناهي وميرزا محمد واثر. أسباب قيامي بتتويج إيماني بقوة الحياة المفعمة لدى المرأة، وقوتها في الانتصار ورفاقيتها عن طريق إجراء عملية أصيلة، ورغبتي في الصراخ لأعلن من خلاله انه باستطاعتي إنقاذ الأصالة من كل تصاريفها التقليدية، وان أحقق في نفسي خلود الإنسان العظيم بدلاً من الآمال البسيطة.

فكرت ملياً على عمليات الشهداء الذين اتخذتُهم قدوة لنفسي وأساتذة نُبلاء. في كل يوم وكل لحظة سرت على منارة ميراث الثورة والاحتراق فيها، وبحثت كثيراً عن مصدر هذا السر. ريثما استنتجت في نهايته، أن الذي تجاوز ذاته فقط هو القادر على القيام بمثل هذه العمليات. وخضت صراعاً داخلياً مميتاً ريثما اتخذت هذا القرار. رأيتُ في ذاتي وبشكل واضح للعيان ولأخر مرة، كافة أنواع الضعف البشري وقوته المعبرة، وقمت على التغلب على هذا الضعف في نفسي، طبعاً طموحي وتوقي للحياة الحرة والى المرأة الحرة هما اللذان أمراني بذلك. إني افهم الآن ـ ومن أي وقت مضى ـ معنى أن أصبح رماداً في نيران الشوق والعهد الذي عاهدته بحسم على مدى ارتباطي بالقائد آبو، وكيفية خلق وتجديد شخصيتي من هذا الرماد.

لقد بذل القائد أبو جهوداً حثيثة وناضل من أجل انضمام المرأة إلى الكريلا في جبال كردستان لأجل مشاركتها في نضال التحرر الشعبي، وتناول قضية المرأة بشكل خاص ضمن الثورة الكردستانية. يعتبر هذا النضال ثورة بالنسبة للمرأة. وأن تنظيم المرأة وكسبها لإرادتها، والتعرف على ذاتها كجنس هو بمثابة السلاح بالنسبة للمرأة. لقد تحقق أول تنظيم للمرأة الكردية ضمن جبال كردستان باسم YAJK. بحيث كانت النساء الكرديات ولأول مرة تصرخن بأعلى صوت بأنهن يمثلن الخلاص والإرادة الحرة من أجل كافة النساء، ليجتمعن تحت سقف واحد من خلال التوجيهات التي طورها القائد أبو. فإن سما يوجه تعبر عن هذه النقطة بوضوح ضمن رسالتها بالعبارات التالية. " تعتبر YAJK ( اتحاد المرأة الحرة الكردستانية) سلاح تحزب المرأة، وأهم مصدر استمدتُ منهُ القوة في اتخاذ قرار خلق الحياة في نفسي. أن YAJK هدية من الهدايا التي أهداها القائد آبو لنا، وتعبير عن صداقته مع النساء الكردستانيات، وأنا مؤمنة من انه سيصبح المساند الأكبر لمأسسة وأتساع وتعميق هذا الإبداع. لذا فان تقوية وتطوير YAJK  مهمة أساسية من المهام التي تقع على كاهل النساء الكرديات ولا سيما النساء عامة في المنطقة. بحيث تعبر عن ارتباطها بالقيادة وبوصايا الشهداء النساء أمثال زيلان كما يلي:" أردت أن أعلن ارتباطي بوصية الرفيقة زيلان( الهة النصر) وأرد بالجواب على عمليتها العظيمة، ليس بالجوهر فقط بل من حيث الشكل أيضاً. لكن شروط السجن يمنعني من القيام بذلك على أكمل وجه. يمكن الالتقاء بقلوب آلاف الأطفال الأبرياء المتظاهرين في نوروز، من خلال تنفيذ تلك الوصية. أن توقي للحرية كبير جداً. ولتحويل هذا التوق إلى قوة للحياة أقدم وجودي الذي هو ملكي الوحيد إهداءً للقائد آبو. النساء سيصبحن شرارات نيران الكرد المترمدة. علماً بان هذا أيضا لن يكون كافياً ليغدو جواباً للقائد آبو، لكي أضحى جواباً، لا بد من غسل كل القلوب المعتمة بالنيران،  املك القدرة  فقط على اهداء قلبي". عندما أضرم النار بنفسي، أبين مرة أخرى إهدائي لذهني وقلبي وجسدي وكل خلاياي لهذه الفلسفة، مجددة عهدي بالارتباط.