سأرسم صورتي على لوحة جميلة مع رفاقي الأربعة عشرة وأنقشها على جدار هكاري...
رفيقات الدرب
كانت الرفيقة فيان بنابر صغيرة السن عندما اختارت طريق الصعود للجبال، ومنذ نعومة أظافرها عهدت حب التراب. كانت الطفلة التي تشرق الحياة بنور جمال وجهها الملائكي. تعرفت على آهات أمها وآلام شعبها وصرخات الأطفال من سنه وهم يمتشقون الحجارة في مغمور. عاشت فيان ضمن هذه اللوحات التراجيدية باحثة عن الحقيقة. عندما أتحدث عنها تأتي عيناها التي تبعث في القلوب روح التمرد والانتقام إلى مخيلتي. الانتقام لأوجاع شعبها الأبي. رسمت هذه المآسي واللحظات التراجيدية في مخيلتها وهي صغيرة. لذا لم تنسى تلك اللحظات ولو للحظة لأنها كانت جزءاً من حياتها. عاشت في زاوية من زوايا قبلها الصغير. لذا ترعرعت على روح المقاومة والنضال. رددت صيحات النصر والسلام في كل مكان حتى أصبحت مقاتلة صغيرة تنادي بالحرية لأجل الحياة.
عرفت بمرور السنين بأن طريق الحرية والعيش الكريم يمر من النضال في سبيلها. كانت تعي بأن ثمن الحرية غالي ويتطلب التضحيات الجسام. وعيها هذا كان يضفي عليها طموحاً مفعماً بالسمو والكبرياء يوجهها نحو الحياة والعيش بحرية. ترعرعت بحب القيادة فغنت للشمس وأهدت حبها للإنسانية. ضحت بروحها لأجل الوطن فأصبحت كالآلهة بروحها المعطاءة هذه. كانت للحياة بلسماً. وللجروح دواءً. كيف لا تكون كذلك وهي قد انتهلت من ينابيع المدرسة الآبوجية. أبرز سماتها هي كونها كانت تتمتع بقوة تحمل ومقاومة عتيدة. كيف لا تكون كذلك وهي كزهرة البرفين العتيدة تشق الثلوج لترفع هامتها نحو الشمس وتسمو بروحها الشاهقة المتمردة مثل جبل جودي العريق.
اختارت الحرب والنضال لأن الحرب والنضال فقط هما ما كانا سيوصلها للحرية. لذا فقد كانت تناضل كعاشقة في سبيل تحقيق هدفها هذا. تعرفت على تاريخها العريق ضمن النضال وأحبت وافتخرت بذاتها كحفيدة الإلهات، افتخرت بتاريخها العريق الذي كان قد دفن ودمر وأنكر من قبل النظام الرجولي الحاكم. اختارت النضال لتحيي هي بدورها تاريخها من جديد. اختارت النضال لتمجد وتخلد أمهاتها الفاضلات. اختارت النضال لتكون لائقة بالقائد آبو الذي قام بإحياء هذا التاريخ. كانت تقول: " لولا النضال لما كان ليرتاح لي بال ولا ضمير. دعوني أحارب العدو بسلاحي البيكسي حتى آخر قطر من دمي كي يشهد التاريخ بأنني تابعت طريق أمهاتي وأجدادي بسلاحي وفكري وروحي. سأرسم صورتي على لوحة جميلة مع رفاقي الأربعة عشرة وأنقشها على جدار هكاري". بكلماتها التي توضح وقفتها الثورية ومدى إصرارها وادعاءها لأجل ترسيخ الحياة الحرة والكريمة. وما علينا نحن كرفيقات دربها سوى تخليد ذكراها والنضال على خطاها بعزمها وإصرارها حتى تحقيق آمالها في الحياة الحرة. ستغني آمد و ديرسم وبوطان و سرحد... أجمل الأغاني على ذكراك. تفتخر بك كردستان بسهولها وجبالها ووديانها وورودها ... يفتخر بك شعبك الأبي ويهتدي على نور نضالك العريق. تفتخر الفتيات والنساء بجسارتك وحبك للحياة وروحك الندية التي لم تقبل سوى بالحياة الحرة الكريمة. تفتخر الأمهات بأنها ولدت فتاة أبية مثلك.