لو كانت هناك حياة فيجب أن تكون على أساس الحرية...
رفيقات الدرب
نفذت الرفيقة زيلان" زينب كناجي" عملية فدائية لأول مرة في تاريخ الحركة التحررية الكردستانية في إحدى مراكز العدو بتاريخ 30 حزيران والتي كانت حينها مقاتلة لعام واحد، وذلك ضد الهجمات التي استهدفت القائد "آبو " والحركة، بالأخص العملية التي قامت الدولة التركية في عام 1996 التي صرفت الآلاف من الدولارات واستخدمت العشرات من أطنان المواد المتفجرة في اللغم الذي استهدفت اغتيال القائد أبو" في العاصمة السورية دمشق. حققت عمليتها في مركز مدينة ديرسم ضد القوات الحربية التركية أثناء مراسيم رفع العلم، وهي محملة بثمانية كيلو من المواد المتفجرة" TNT" وقطع من الحديد وقنبلتين يدويتين. حيث تظاهرت كالمرأة الحاملة حتى تستطيع تنفيذ عمليتها في المكان المستهدف بنجاح. كانت حصيلة عمليتها ثمانية عشرة قتيلا و واحد وعشرون جريحاً. زرعت عملية الرفيقة زيلان رعبا وخوفا كبيرا بين صفوف قوات الجيش التركي. انصدمت الدولة بشكل مريع، كونها كانت العملية الأولى من نوعها. نفذت العملية التي كانت تعتبر تكتيكا جديدا لوحدها. كانت الرفيقة زيلان من منطقة "ملاطيا" وفتاة في الرابع والعشرين من عمرها، خريجة جامعة "اينونو" قسم "علم النفس" ومتزوجة. اختارت الانضمام إلى صفوف الحركة التحررية الكردستانية بمحض إرادتها، وبالرغم من أنها كانت صاحبة مهنة، لم تقبل حياة فردية والوطن والأرض تحت نير الاستعمار والعبودية، وشعبها يعاني من الظلم والاضطهاد. حاولت تنفيذ عمليتها الفدائية بكل صبر وجسارة بعد فترة قصيرة من بقائها بين صفوف الكريلا في الجبال. الخاصية الأخرى التي امتازت عملية الرفيقة زيلان بها هي المعرفة العميقة للتاريخ والمرأة. صرخت للعالم جميعا بقولها " لو كانت هناك حياة يجب أن تكون على أساس الحرية" أي لا حياة بدون الحرية. في الحقيقة أن انفجار بدنها كان انفجار ضد الحياة التقليدية المزيفة التي تمنع العيش على ارض الوطن بهوية حرة. ادعت الدولة التركية بان زيلان كانت تعاني من إمراض نفسية، لذا أقدمت على عملية كهذه، وذلك حتى تضعف من تأثير عمليتها المنتصرة. ولكن كانت كلماتها ساطعة بقدر عمليتها مثل فجر الأفق بحيث بينت العبارات التالية: "لقد أوصل القائد "آبو " الشعب الكردي ولأول مرة في التاريخ إلى مستوى لائق به، بعدما كان محروما من حقوقه الوطنية ومعرض للإبادة. أحيا هذا الشعب الذي كان مسلوب الإرادة والقيم الوطنية والفكرية والروحية وحتى هويته من قبل عدوه من جديد بروح من المسؤولية العالية وبمعرفة تاريخية عظيمة بكل جسارة وتضحية. أيقظ القائد "آبو " الشعب الكردي الذي كان غارقا في نوبة الضياع والزوال، المستبعد عن روحه الوطنية، التابع للعدو، بدون وطن، وعدم ظهور مثقفين وقياديين من صلبه بالمستوى المطلوب، وحوله إلى شعب يحارب من اجل إحياء وجوده وهويته والنضال من اجل حريته والتضحية لتحقيقها بكل ما يملك، بعدما كان محاربا لعدوه ويخدمه إلى مستوى استخدامه كحيوان في خدمة الامبريالية. وأنا بدوري أريد إن اعبر عن حرية شعبي، وافجر القنبلة في بدني ضد السياسة الامبريالية في استعباد المرأة لأعبر عن غضبي الكبير ضدها، وأصبح رمز مقاومة المرأة الكردية. إنني صاحبة إصرار كبير في الحياة، أريد أن أكون صاحبة لحياة وعملية تحمل معاني كبيرة ".
حققت الرفيقة زيلان داعية الحياة الحرة عمليتها بإصرار وجسارة كبيرة. ووضحت كلماتها مدى المعاني التي تتضمنها عندما ذكرت " أريد إن أكون صاحبة حياة ذات معاني كبيرة وعملية عظيمة". قيم القائد "آبو " رسائلها بشكل واسع وقال عنها: شخصية الرفيقة زيلان تعني شخصية النصر، شخصية الرفيقة زيلان رمز توحيد الحرب والحياة، النصر والعشق. الرموز مهمة بالنسبة لنا. بقدر ما نعطي القيمة لرموزنا البطولية الحية ونعبدها ستتعاظم وتكبر. فتحت الرفيقة زيلان طريق الحرية أمام المرأة، بعدما أحرقت بقنبلتها القذارة المتراكمة عبر التاريخ. والآن أحس بذلك بشكل اكبر. يمكن للمرء أن يتحدث عن عظمة وجسارة ومعرفة هذه المرأة بشكل ملفت للنظر ويتعهد معها، وبإمكانه أن يعاشرها عشقا عظيما. ولو تحدثنا عن العيش مع المرأة، بإمكاننا ان نعيش على نهج حياة الرفيقة زيلان. الرفيقة زيلان قائدة وأنا مقاتل لها". فدعاها القائد بملكة شهداء الحركة التحررية الكردستانية لأنها مثلت منبراً في تاريخ نضال الحرية وقمّة عظمى في التحول والتجدد. بينت الرفيقة زيلان لجميع النساء من خلال ما كتبته لكادرات ومقاتلات الحركة التحررية الكردستانية، مدى معرفتها الوطنية، وليس هذا فقط بل مدى عمقها في نهج الاشتراكية والحرية والمعرفة الجنسية بهذه الكلمات: " جاهدت حركتنا التحررية الوطنية الكردستانية بقيادة القائد "آبو "بنضالها ضد كافة المفاهيم الاجتماعية المتخلفة وحل القضية بشكل جذري، حيث حللت وضع المرأة منذ نشوء المجتمع الطبقي. شكل المجتمع الطبقي بعد استيلاء الرجل على القيم التي خلقتها المرأة والحد من تأثيرها في المجتمع النيوليتي، وبدا بسحق حرية المرأة في تلك المرحلة. استمر استغلال جنس المرأة في كافة المراحل التاريخية الإقطاعية والرأسمالية والامبريالية، وكل مرحلة بشكل أعلى مستوى من الأخرى، ولكن لم يتغير من جوهرهم اي شيء. دافعت النظرية العلمية الاشتراكية عن الإنسانية وضرورة عيشها بسلام وحرية وإزالة كافة التناقضات الطبقية وكذلك الدفاع عن حقوق المرأة الحياتية والإنسانية. بقدر محاولة الاشتراكية العلمية إلى توجيه المرأة نحو هذا المفهوم، ولكن بقيت جهودهم محدودة بسبب الانحرافات التي عاشتها. لو نظرنا إلى تاريخ المرأة في كردستان، سنرى بان ما عاشتها المرأة الكردية من كبت الحرية واغتصاب الجنس عقدت من قضاياها بشكل اكبر. قبل ظهور الحركة التحررية الكردستانية كان من غير الممكن التحدث عن حرية وإرادة المرأة. لذا بقدر عمق وكبر هذه القضية فكانت بحاجة إلى بذل جهود مضنية لحلها. لا يمكننا التحدث عن قضية تحرير الكرد دون تحرير المرأة التي تشكل النصف الأكثر من سكان كردستان. ومثلما حلل القائد "آبو " كافة القضايا، قيّم وضع المرأة من خلال تحليلات واسعة وشاملة أيضاَ. لهذه التحليلات والتقييمات دورا أساسيا في ما وصلت إليه المرأة من تطور ومعرفة اليوم. ضياع المرأة كان عميقا وجديا وبدأت مع نشوء الإنسانية تقريبا. لذا لا يمكن لظاهرة تحرير المرأة أن تتحقق بين ليلة وضحاها. وتحتاج إلى مدة طويلة. وما تخطوه حركتنا وحزبنا إلا للإسراع من خطوات تحقيقها. جهود المرأة في تحقيق الحرية مقدس وبناء. لبت المرأة نداء القائد "آبو " والمستوجبة أن تعطي جهودا كبيرة ونضال حثيث للتحرير، وذلك من خلال انضمامها إلى صفوف الحركة التحررية الكردستانية. تمر طريق الحرية من الحرب. وللمحاربة بشكل جيد ينبغي التنظيم بشكل جيد. إذا أمكننا أن ننظم أنفسنا بشكل جيد فبإمكاننا أن نتحلى بإرادة قوية أيضا. لذا فأهدافنا واضحة. ينبغي علينا نحن النساء الكرديات أن نستخدم كل خصوصياتنا وصفاتنا الايجابية مثل الوطنية والقرار القوي والعزيمة والجسارة في خدمة الثورة ونكون صاحبات الجهد الأكبر في تحقيقها. هناك الآلاف من شهيداتنا اللواتي ضحين بدمائهن في سبيل الحرية والديمقراطية. لقد قادت كل من الرفيقات بيريفان، رحيمة، بسه، روناهي، ذكية، مزكين ورهشان مسيرة الحرية الوطنية، وأصبحن نبراسا لنهج تحرير المرأة. أعطت رفيقاتنا الشهيدات القوة والمعنويات في السير على نهج الحرية والتحرير لكافة نساء العالم ولنا على وجه الخصوص. لذا ينبغي علينا أن نجاهد في سبيل تحقيق هذه الأهداف ونلبي مهامنا وواجباتنا على أكمل وجه في الساحة العملية. على هذا الأساس أريد أن أنفذ عمليتي الفدائية ليس باسمي بل في البداية باسم القائد "آبو " وحزبنا "حزب العمال الكردستاني" وأكون لائقة بهم، وبكافة الشعوب المضطهدة وخاصة الشعب الكردستاني والمرأة الكردستانية وأصبح جوابا لائقا بهم. إن قراري هذا يعطيني الجسارة والمعنويات العالية، ويكسبني عواطف جميلة لا استطيع التعبير عنها. وان السير على خطى شهيدات الحركة التحررية الكردستانية وعلى ميراثهن قضية كرامة وشرف لي. وأنني محظوظة، لأنني سأكون صاحبة مسؤولية أمام هذه المهمة التاريخية."
كانت الرفيقة زيلان على معرفة ووعي كامل بما تريد التعبير عنه، بحيث نادت كافة الإنسانية بهذه الكلمات: "اصرخ للعالم جميعا، أناديكم: اسمعونا، افتحوا أعينكم، نحن أبناء لشعب بلا وطن، مهاجرين ومتشتتين في كافة أرجاء العالم. نريد الحصول على مقوماتنا الحياتية والعيش بحرية وإنسانية على ارض وطننا. يجب ان لا يكون الظلم والدموع قدر لشعبي. نحن مليئون بحب السلام، الأخوة، الإنسان، الطبيعة والحياة. حب الحياة يجبرنا على خوض الحرب، لا نريد القتل والاقتتال، ولكن لا طريق آخر أمامنا للوصول إلى الحرية والنصر. القوى الامبريالية والدولة التركية هم المسؤولين أمام هذه الحرب. يعتبر الصمت أمام ممارسات هذه القوى الإنكارية اكبر جريمة. فلو بقيتم صامتين والدماء تروق أمام أعينكم فالذنب هو ذنبكم، والجريمة هي جريمتكم بحق الإنسانية".
كما أعطت الرفيقة زيلان من خلال عمليتها جواباً شاملاً وقاطعاً للمرأة التي لا تهب ذاتها لنضال الحرية، بل تنغمس في مغالطاتها ومواقفها المزيفة ومعضلاتها الفردية، وللرجل الذي يقاوم التحرر والتحول النضالي. لقد أفصحت عملية الرفيقة زيلان الفدائية عن قوة المرأة الحقيقية في الحرب والجيش والتنظيم والحياة. وبرهنت على أنها ضمان النصر والنجاح الأكيد، لا مسبب العبء الثقيل في نضال الحرية، وذلك بتحديها للإمبريالية الساعية لإنهاء نضال PKK من خلال قيادته، ولنهج العصاة المتوطئين المتصاعد في الداخل. لقد ردت بكل حزم على نهج العصاة المتواطئين الذي يعمل على إضعاف المرأة وتشغليها ضد الثورة، وعلى مساندة محاولة الاغتيال الجارية في السادس من أيار تجاه قيادة PKK، والتي انتهلت قوتها وجسارتها من ذاك النهج. كما شلت سياسة الإبادة التي سلكها أعداء نضال تحرر الشعب الكردي ممثلاً في شخص قيادة PKK. هكذا أجمع على أن الرفيقة زيلان تشكل بعمليتها تلك مانيفستو الحرية بالنسبة للنضال برمته، وأصبحت قسماً وعهداً.
عملية الرفيقة زيلان هي أقدس عملية في نضالنا التحرري الوطني وأكثرها نتاجاً. أما شخصيتها فهي شخصية الحرب والتنظيم والحرية والطموح للحياة السامية والعشق النبيل. إنها قائدة حقيقية ونهج حياتي بالنسبة للمرأة عبر مفهومها للحياة والحب وشخصيتها المحاربة وجسارتها العظيمة. إنها طراز إحراز النصر المؤزر. خلقت هذه العملية تكاثفاً وسمواً عظيماً في العواطف والأحاسيس والأفكار، وطورت المحاسبة الوجدانية لدى كل البنية الحزبية.
برهنت هذه العملية على أنه ما من قوة في العالم تستطيع عرقلة التطلع إلى الحرية والشغف بها، وأشادت بأساليب تصعيد إمكانيات الحرية بلا حدود بشكل ضارب للنظر. كما هزت كل الكيان الحزبي والنسائي بنتائجها التي أثمرتها، وأوضحت مقاييس الرفض والقبول بكل جلاء.
أما المواقف عديمة الثقة في أساسها من تجيش المرأة، فتركت محلها بعد هذه العملية للثقة والإيمان الأكيد، ذلك أن القوة النسائية قد ازدادت حدة وحزماً وعزماً في نضالها، وتوطد بحثها عن الحرية وتأصل بشكل لا يمكن زعزعته. لقد تركت هذه العملية بصماتها على المراحل اللاحقة من خلال الشغف الكبير بالحرية والحياة وإبداع الإمكانيات للرقي والسمو حتى من أقل الإمكانيات الموجودة؛ بالتالي أصبحت أسمى وأروع عملية في تاريخ النضال التحرري الوطني الكردستاني وأكثرها تأثيراً وقيمة. إنها ليست مجرد عملية ببُعدها العسكري فحسب، بل هي مانيفستو الحرية وقانون الحب، وقد أسفرت عن نتيجة مفادها "إن كنت شغوفاً بالحرية فيجب أن تكون عمليتك على هذا المنوال من العظمة والمبدئية والعزم". في هذه النقطة بالذات تعد هذه العملية في الأصل انتقاماً ممن يعزم على أن يكون مناضل الحرية في أوساط النضال التحرري من جهة، ويصر على جوانبه الرجعية وعدم التحول الحزبي أو الاشتراكي من جهة ثانية؛ وطلب الحساب منه. وهي رد قاطع على الممارسة العملية التي لا تنخرط في مسار الحرب الصحيحة رغم الوجهة الأيديولوجية الواضحة، وإعلان عن إفلاس مثل هذا الطراز العملي وفنائه. هذا بالإضافة إلى أنها تفتح الطريق أمام الحياة والحرب معاً لتحليها بنهج ونمط الحياة الجديدة، وضربة قاضية وقاتلة على الواقع الذي يسد سبل الحياة ويعيق التحول المناضلي والتحرر فيها.
لقد صرحت هذه العملية أنه بمقدور الفرد أن يعظّم من نضال حرية المرأة وشغفها بها وعزمها عليها إلى ما لا نهاية إذا ما نظم قوته الذاتية بشكل صائب ووجهها في الحياة والنضال على نحو مخطط ومضبوط. بهذا المعنى فالرفيقة زيلان هي رمز لإحياء ثقافة الإلهة الأم التي ترسخت في أراضي ميزوبوتاميا في العهد النيوليتي. ذلك أن تلك الإلهات أيضاً قد أبدعن الحياة الحرة وكافحن على مدى ألفي عاماً ضد اعتداءات الرجل المتسلط الصاعدة، وصارعنها بقوة ليخلقن مقاومات باسلة. كما أن العديد من النساء في تلك المرحلة قاومن بكل بطولة كي لا يستسلمن للهيمنة الذكورية المتنامية، ورجحن الموت المشرف على ذلك فغدون رمزاً للحرية وبرهاناً على شغف المرأة بها.
لذا علينا أن نفهم عملية الرفيقة زيلان على هذا النحو، حيث أفصحت عن مدى متانة أواصرها بأصولها التاريخية المنتمية إلى موطن الإلهات الإناث في ميزوبوتاميا، وعدم انقطاعها عن أصالة المرأة في هذه الأراضي، ودلت على قوة تلك الثقافة المتوارية في ثناياها. هذا الانفجار الذي قامت به ضد الامبريالية كأعلى مؤسسة للنظام الذكوري التسلطي الذي يخنق الحياة ويشكل خطراً يهددها ويزيدها سوءاً، ويمتص طاقات المرأة؛ ليس مختصراً على البعد العسكري فحسب بل هو انفجار الحرية، وهو عملية الدفاع عن الحياة الحرة حتى ولو استدعى ذلك حرق الذات حتى أصغر خلية، وتحويلها إلى رماد. هذه العملية هي أروع مثال يشير إلى أنه من المستحيل إلباس ثوب العبودية بالإرغام على عقل الإنسان وفؤاده ومشاعره، وإنه في حال الجنوح إلى ذلك فستتحول حتى المرأة – التي يظن الجميع أنها أضعف الخلق– إلى قنبلة تحررية عظيمة. أما الرفيقة زيلان فشغفها بالحرية كبير لدرجة إنها تستطيع تمزيق ذاتها إلى أشلاء حتى خصلات شعرها في سبيلها. أي أن الإنسان – وخاصة المرأة– لا يمكن أن يتذرع بأية حجة في عدم تحرره أو اكتسابه للقوة، ذلك أن نهج زيلان قد مزق كل الذرائع والحجج مع بدنها، وأشهر بكل أنواع الحياة البسيطة التافهة والشخصيات الصغيرة القزمة، وأحرقها.
ساد الاعتقاد باستحالة الوقوف في وجه الميول العصاباتية التواطؤية التي تسعى لترسيخ ذاتها كنظام. إن ما يجعل الوقوف في وجهها هو شغفنا بالحرية، وإذا ما ساد الصمت تجاهها فلذلك علاقة وثيقة بضعف البحث عن الحرية. أما الرفيقة زيلان فقيامها بعمليتها تلك في وسط لم يكن في خاطرة أحد، باعتبارها مقاتلة حديثة العهد لم يمضِ عليها سنة؛ هو مؤشر واضح على مدى تفهمها لحقيقة القيادة وإدراكها للمستوى الذي بلغه الشعب من الحرية والنضال. لم يكن من الممكن إدراك الهجمات المعادية من الأعماق والرد عليها بشكل حاسم حسب المنطق المتواري خلف الذرائع على الدوام، لكن ذلك كان ممكناً بالنسبة لإنسان يعيش أعلى درجات الشغف والهوى بالحرية. وهنا تبدي أن كلمة الفصل تعود إلى مستوى العزم على الحرية والإصرار فيها لدى الإنسان. ولهذا فإن زيلان بعزمها وإصرارها على تحقيق الحياة الحرة مثلت بموقفها وعمليتها مجمع البطولات والمقاومات الجريئة الباسلة المتحققة على مر التاريخ النضالي.