مقالات وأبحاث

شنكال ثورة الإنسانية

وحدات حماية المرأة ومقاومة شنكال اكبر جواب على الهجمات التي استهدفت تاريخ ومستقبل الإنسانية في شخص الشعب الإيزيدي...

سوزدار افستا

مرت شنكال في الثالث من آب بمجزرة تدعى بالفرمان الثالث والسبعين وذلك حسب ما يرويه لنا تاريخ ذاك الشعب  أوالإيمان المترسخ في قلوبهم وعقولهم كالشعب الإيزيدي, مما يدل بأنه قد بقي مع اثنا وسبعون فرماناأوإبادة وجها لوجه السابق و النتيجة أدت إلى تشتت جزء كبير منهم,أما بالنسبة إلى الباقين فهم تمركزوا كما نعلم حول المكان المقدس لالش, انطلاقا من ذلك فإننا نعتبر الأزمةأوالإبادة التي هبت على شنكال تحت اسم الفرمان ال73استمرارا لما عاناه ذلك الشعب الإيزيدي  سابقا.  دون شك فإن ما واجهه ذلك الشعب الإيزيدي قد خلف أثرا لا سبيل لزواله في تاريخهم أو ماضيهم, فلقد تحولوا إلى جبل تذوب أشلاءه يوما بعد يوم, مما جعلهم يحيون مع الخوف والخشية يوما بعد آخر, لذلك فور ما بدأ القتال في شنكال, هموا إلى الاستعداد للهجرة بدافع التفادي من المرور بإبادة جماعية أخرى, فهج بالنتيجة قسم كبير منهم بقدر خمسة وعشرون ألف شخص إلى شمال كردستان وقسم آخر استقروا في المخيمات المتواجدة في جنوب كردستان,أما الجزء المتبقي فبعضهم مازالوا في جبال شنكال والبعض الآخر رحلوا إلى غرب كردستان,  لكن الشيء الذي تحول إلى مفاجأة كبيرة لهم وأعطاهم الأمل من جديد هو وصول قوات وحدات المرأة الحرةYJA-STAR  , قوات حماية الشعب HPGبالإضافةإلى وحدات حماية الشعب والمرأة YPG -YPJ.

باستطاعتي القول هنا بأن شنكال مازالت غير متحررة بشكل كامل, بل فهي بانتظار التحرر والخلاص وماهي المقاومة  العظيمة التي يبديها قوات حماية الشعبHPGبشكل خاص إلا تلبية لتلك الحاجة وتطلعا إلى فجر الحرية من جديد وهو يوزع خيوطه على جبال شنكال, لذلك قاموا من البداية بتنظيم أنفسهم تحت اسم وحدات مقاومةشنكال YBŞ,واتحدوا في التخندق في جميع المناطق العائدة للشعب هناك بهدف الحماية, ومنه فإن قوات الYBŞلهي عبارة عن نتيجة رفض  الإبادات التي مروا بها وكأن البركان بدأ يثور نتيجة الغليان,  لذلك يمكنني القول بأن وحدات حماية المرأة ومقاومة شنكال لهم اكبر جواب على تلك الهجمات التي استهدفت تاريخ ومستقبل الإنسانية في شخص الشعب الإيزيدي في شنكال.

علينا أن نلاحظ الفرق الكبير الذي بين ما واجهه الشعب الإيزيدي سابقا وما يواجهه حاليا, ففي السابق أوبالأحرى بالإبادات أو الفرمانات السابقة التي مر بها كانت طريقته الوحيدة لحماية وجوده هي الهرب والهجرة اما  الان فانه يلتجئ إلى روح المقاومة والنضال, وتبني اهداف وجوده وتارخه, فمثلا ان الجزء الذي بقي في جبال شنكال واجه العديد من المصاعب كالحصار الشديد من جهة وإنسداد الممر الذي يؤدي إلى غرب كردستان من جهة أخرى لكنه اختار البقاء والمقاومة في ديارهم ومكانهم المقدس,  وما هي أهداف القوى الاستعمارية التي اقتحمت المنطقة إلا أن تقوم بإزالة الوجود الإيزيدي أو حتى إزالة شنكال بما فيها من قيم انسانية ومقدسات من الوجود.   لذلك فور معرفة الشعب المتواجد في المنطقة لطبيعة هذه الاهداف التي يجهد الاستعمار لتحقيقها على حساب وجودهم فهموا إلى السعي وراء التنظيم وبناء أنظمة التخندق لتحقيق المقاومة والنضال, شكلوا اللجان, منظمة الشبيبة, دون أن ننسى بأن المرأة أيضا تلعب دورا رئيسيا في ذلك التنظيم انطلاقا من أن المرأة هي اكثر من عانت وواجهت ومازال خطف المئات من النساء اللواتي يتحررن البعض منهم والبعض اخر في قائمة المجهولين, ما اريد قوله هنا هو لانها عانت, تاهت و انجرحت من مشاعرها, فكرها وجسدها فهي بالتالي صاحبة الجهد الوفير في السعي لتنظيم انفسهن كالشعب الايزيدي وخاصة كالمرأة الايزيدية.

كما اننا نعتبر انعقاد مجلس في شنكال في منتصف الشهر الاول من العام الراهن كخطوة تاريخية ومقدسة لانهم اظهروا قوة ارادتهم السياسية إلى الوسط مما ادى إلى افراغ المحاولات الاستعمارية من معناها, بالاضافة إلى انه تم انضمام العديد من الاحزاب التي تشترك بالايمان كايزيديين لكنهم يختلفون بوجهة النظر والايديولوجية كالحزب الاشتراكي, حزب المستقبل, و حركة الديمقراطية الايزيدية وبعض العشائر والشخصيات المستقلة المتواجدة في المنطقة, لكن الاهم من كل ذلك هوانضمام المرأة بهيجان كبير منها وخاصة وسط ظروف الحرب والإبادة تلك, مما مكنهم من تعيين اللجان وتنظيم انفسهم من كل الجوانب سواء الاجتماعية, المرأة, السياسية, الاقتصادية والعسكرية. بالاضافة إلى لجنة الصلح التي تحقق العدالة, لكن ذلك المجلس كما ذكرنا سابقا سيكون بشكل مؤقت لانه تم انعقاده حسب ظروف الحرب والإبادة, لكنه دون شك دليل كبير على تمكن الشعب الايزيدي من ادارة نفسه بذاته بشكل ديمقراطي بعد ان تتحرر شنكال من ايدي المرتزقة, هذا كله بغض النظر عن افتتاح المدارس التي تعلم للغة الام اي الكردية, دون أن يشكل عدم وجود إمكانات لذلك كعثرة, فهم يتلقون تدريبهم في مدارس عبارة عن خيمات صغيرة, بالإضافة إلى وجود قوات الحماية الجوهرية في كل مكان وذلك أدى إلى تعلم الكل لاستخدام الأسلحة بهدف الحماية الذاتية, لذلك يمكننا اعتبار تلك المنجزات كخطوة هامة جدا في تاريخ شنكال.مع معرفتهم لفكرالقيادة باتوا يعرفون أنفسهم ومع معرفة انفسهم اصبحوا يحللون ماضيهم وحاضرهم نحو مستقبلهم, ذلك كله يؤدي إلى تقدم الفكر والعلم لديهم. حتى إن القوات التي ذكرناها سابقا أي التي توجهت إلى شنكال بقصد الحماية, ترى بأن القتال في سبيل إنقاذ وجود شعبهم لهي أقدس مهمة بالنسبة لهم كما أنهم يقومون بتقديم نقدهم الذاتي لشعبهم جراء ما حصل, لكن ما قام به حكومة المنطقة هناك كان العكس تماما, فهم قاموا بغض النظر عن حماية حقوق ومستقبل ذلك الشعب, انما قاموا بإستثمار بقاء ذلك الشعب مع نفسه فقط, حتى أرادوا أن يتم أنهائهم وهم ينظرون اليهم فهم كانوا يسعون لاستخدامهم, لكن ذلك لا يعني أنهم لم يقووا على فعل شيء بل تراجعوا من فعله, لذلك فإن لا حظنا أن المناطق التي تم استعمارها من قبل المرتزقة كانت في أيدي الحكومة المركزية وحكومة المنطقة سابقا, أي البيشمركة الذين تخلوا بكل سهولة عن المناطق التي كانوا موكلين لحمايتها دون أن يطلقوا اية رصاصة حتى, وكما يعبر عنه الشعب الايزيدي بنفسه على أنه تم بيعنا فإن كل ذلك كان تنيجة الإتفاقيات والمعاهدات التي تم توقيعها على حساب وجود ذلك الشعب, فمثلا إن محاولاتهم لإسترجاع المختطفين من قبل داعش ليس إلا تجارة على أرواحهم, فهم يشترونهم بالمال هذه هي الحقيقة التي تظهرها شاشات تلفزتهم أي أنه تم تحريرهم بالمقاومة والقتال والجهود الحثيثة,لكن ذاتها الحقيقة مخفية وراء ذلك, لذلك علينا كشف وفهم تلك الحقيقة جيدا, دون أن ننجر وراء وسائل الإعلام التي تعكس الحقائق بهدف الدعاية.

وها نحن نرى عودة المهاجرين إلى وطنهم قاصدين الحماية والمقاومة والقتال مع القوى المتواجدة للحماية جنبا إلى جنب, فان الشعب الايزيدي بات يعرف نفسه واهمية وجوده, تاريخ ودينه وأصبح يسعى وراء العلم الذي يبعده عن التعصب الديني يوما بعد آخر, فهم يقولون لن ننسى ما واجهنا و عانيناه من الآلام التي كانت شبه آلام مغص الولادة أي إما الموت أو الحياة لكن ذلك سيكون كقوة لنا لندرك قوانا ونظهر إرادتنا ونحمي أنفسناوأن نحول الآلام إلى خطوات تاريخية أكبر وأكبر. كما أنهم كانوا يرفضون انضمام الذين قد تم خطفهم و من قبل داعش منهم لأنهم كانوا يعتقدون بأنهم تراجعوا عن دينهم وكانوا يخرجونه من بينهم لكنهم بعد أن عقدوا مجلسهم إتخذوا قرارهم على أساس قراءة تاريخهم أي إلىأهمية التوحد والتكاتف ضدالإبادة التي كانوا يعيشون سكراتها لحظة بعد أخرى, تلك الخطوة بحد ذاتها أدت إلىإفراغ محاولات الاستعمار من محتوااها وعلت كثيرا من معنوايات الشعب هناك وخاصة المرأة.

في النهاية أود القول بأن الذي يحصل في شنكال الآن لهو ثورة بحد ذاتها,إنها ثورة الإنسانية جمعاء ثور المرأة ثورة الشبيبة, العلم والمعرفة وباتت الشمس تشرق على شنكال وهي توزع خيوطها الذهبية المليئة بقطرات المقاومة العظيمة والنضال المستمر إلى القلوب المليئة بآثار الألم لتتمكن من أن تمحوه وتحوله إلى حب للحياة والمعرفة والحرية.